إياه في البحر، والنون: السمكة، وجمعها: نِينانٌ (١).
وقوله:{إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} قيل: لقومه، وقيل (٢): لربه؛ أي: لأمر ربِّه، وقال آخرون (٣): معناه: مُغاضبًا لبعض الملوك. والمغاضَبة: مفاعلةٌ، وأكثر ما تكون المفاعلةُ من اثنين كالمخاصَمة والمجادلة والمقاتلة، وقد تكون من واحدٍ كقولك: سافرتُ وعاقبتُ الرجل، وطارَقتُ النَّعلَ (٤)، وشارفت الأمرَ ونحوها، ومعنى قوله:{مُغَاضِبًا} يعني: غضبانَ أنِفًّا، والعرب تسمِّي الغضبانَ أَنِفًا، والأنِفَ غضبانٌ لقرب أحدهما من الآخر (٥)، وهو منصوب على الحال.
وقوله:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}؛ أي: لن نقضيَ عليه من العقوبة ما قضيناه، يقال: قَدَرَ اللَّهُ الشيءَ وقَدَّره؛ أي: قضاه، وهذا القول اختيارُ الفراء (٦) والزَّجّاج (٧).
وقال عطاء (٨): معناه: فظن أَنْ لَنْ نُضَيِّقَ عليه الحبسَ، من قوله تعالى:
(١) قال سيبويه: "ونينانٌ: جماعة النون". الكتاب ٣/ ٥٩٣. (٢) ذكره ابن قتيبة والنحاس بغير عزو، واللام هنا هي لام العلة أي: من أجل ربه، كما تقول: غضبت لك؛ أي: من أجلك، وليست هي اللام الموصلة للمفعول به، ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ٤٠٥: ٤٥٨، إعراب القرآن ٣/ ٧٧، البحر المحيط ٦/ ٣١١. (٣) قاله الأخفش في معاني القرآن ص ٤١٢، وينظر: إيضاح الوقف والابتداء ص ٧٧٨. (٤) طارَقَ الرجلُ نعليهِ: أطبق نعلًا على نعل، اللسان: طرق. (٥) من أول قوله: "والمغاضبة: مفاعلة. . . " قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ص ٤٠٦، ٤٠٧. (٦) معاني القرآن ٢/ ٢٠٩. (٧) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٠٢. (٨) في الأصل: "ابن عطاء"، والصواب: "عطاء"، ينظر قوله في: زاد المسير ٥/ ٣٨٣، تفسير القرطبي ١١/ ٣٣١، وهو عطاء بن أبي مسلم الخراسانِي واسم أبيه عبد اللَّه وقيل: ميسرة، نزيل بيت المقدس، مفسر أرسل عن جماعة من الصحابة وروى عن الزهري وابن =