وقوله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤)} يعني: مَجاعةٍ، يقال: سَغِبَ يَسْغَبُ سَغَبًا: إذا جاعَ (١)، قيل:"مِنْ مُوجِباتِ المَغْفِرةِ إطْعامُ المُؤْمِنِ السَّغْبانِ"(٢)، قرأ أبو رجاء والحَسَنُ وابنُ كثير وأبو عمرو والكسائي:"أوْ أطْعَمَ"(٣) على الفعل الماضي، وقرأ الباقون:{إِطْعَامٌ} على اسم المصدر.
وقوله: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥)} يعني: ذا قرابة {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} أي: فاقةٍ قَدْ لَصِقَ بِالتُّرابِ من الفَقْرِ، والمَتْرَبةُ مصدر قولهم:[تَرِبَ](٤) يَتْرَبُ تَرَبًا وَمَتْرَبةً: إذا افْتَقَرَ حتى لَصِقَ بالتراب ضُرًّا (٥). وقيل (٦): المَتْرَبةُ هاهنا من التُّرْبةِ، وهي شِدّةُ الحالِ، وأنشد الهُذَلِيُّ:
٥١٦ - فَكُنّا إذا ما الضَّيْفُ جاءَ بِلادَنا... سَفَكْنا دِماءَ البُدْنِ فِي تُرْبةِ الحالِ (٧)
(١) قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٥٢٨، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ٨/ ٤١. (٢) هذا حديث رواه الحاكم عن جابر بن عبد اللَّه في المستدرك ٢/ ٥٢٤ كتاب التفسير: سورة البلد، وينظر: شفاء الصدور للنقاش ورقة ٢٤١/ ب، الوسيط للواحدي ٤/ ٤٩٣، الدر المنثور ٦/ ٣٥٥، كنز العمال ٦/ ٤٢٤، ٩/ ٢٤٣، ١٥/ ٧٨١. (٣) وهذه قراءة عَلِيِّ بنِ أبِي طالب وابن محيصن واليزيديِّ أيضًا، ينظر: السبعة ص ٦٨٦، تفسير القرطبي ٢٠/ ٧٠، البحر المحيط ٨/ ٤٧١، الإتحاف ٢/ ٦١١. (٤) زيادة يقتضيها السياق. (٥) قاله أبو عبيد في غريب الحديث ٢/ ٩٣، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٢٩، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٣٠. (٦) قاله أبو حامد الخارْزَنْجِيُّ، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٢١١، تفسير القرطبي ٢٠/ ٧٠. (٧) البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، وليس في أشعار الهذليين، ويُرْوَى صدرُه: فَكُنّا إذا ما الضَّيْفُ حَلَّ بِأرْضِنا اللغة: قال ابن هشام: "يَعْنِي بالحال الطِّينَ الذي يُخالِطُهُ الرَّمْلُ، وهو الذي تقول له العَرَبُ السِّهْلةُ". =