الذي لا يَخْرُجُ عن الشيء، قد مُنِعَ من ذلك، ويقال: تَسَيْطَرَ: إذا تَسَلَّطَ، ثم أُبْدِلَ مِنَ السِّينِ صادٌ لأن بعدها طاءً (١).
قيل: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}(٢)، وقيل: ليست بمنسوخة (٣).
وقوله: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣)} {مَن} في موضع نصب على الاستثناء المنقطع عما قبله، معناه: لكنْ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ؛ أي: أعْرَضَ عن الإيمان، وكَفَرَ بعد التذكير بالقرآن {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤)} وهو أن يُدْخِلَهُ النّارَ، ولا عذاب أعظم منها.
وإنما قال:{الْأَكْبَرَ}، لأنهم عُذِّبُوا في الدنيا بالجوع والقحط والأسْرِ، ودليل هذا التأويل قراءة ابن مسعود: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فإنَّه يُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ} (٤).
ثم ذكر أن مرجعهم إليه، فقال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥)} يعني: مرجعهم ومصيرهم ومعادهم إلينا بعد الموت، يقال: آبَ يَئُوبُ أوْبًا وَإيابًا، والأصل: إيْوابٌ، فَأُدغمت الياء فِي الواو، وانقلبت الواو إلَى الياء (٥).
(١) من أول قوله: "وأصله السين، مشتق من السطر" قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن ٥/ ٢١٤، وقال الزجاج قريبًا منه في معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٦٦، وحكاه الأزهري عن الزجاج في تهذيب اللغة ١٢/ ٣٢٨. (٢) التوبة ٥. (٣) القولان ذكرهما النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢١٥، وينظر: نواسخ القرآن ص ٢٥٢، تفسير القرطبي ٢٠/ ٣٧. (٤) ينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ٣٧. (٥) قاله الزجاج والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣١٩، شفاء الصدور ورقة ٢٣٥/ أ، وحكاه الأزهري عن الزجاج في تهذيب اللغة ١٥/ ٦٠٩.