قوله تعالى:{أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ} الميم: صلةٌ فيه وفي أمثاله (١)، تقديره: ألهم آلهةٌ {تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا} وفي الآية تقديمٌ وتأخير، والتقدير: أم لهم آلهةٌ من دوننا تمنَعُهم؟
وتم الكلام، ثم وَصَف آلهتهم بالضعف، فقال: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)}؛ أي: يُحْفَظُونَ ويُمْنَعُونَ، وقيل (٢): يُجارُونَ؛ لأن المجيرَ صاحبٌ لجاره، والعرب تقول: صَحِبَكَ اللَّهُ، أي: حفظك اللَّه وأجارك.
قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} هو: جمعُ الميزان، ووَحَّدَ "القِسْطَ" وهو نعتٌ للموازين؛ لأنه في مذهب: عَدْلٌ ورِضا (٣)، قال الزَّجّاج (٤): "قسط": مصدرٌ يوصَف به، تقول: ميزانٌ قِسْطٌ وموازينُ قِسْطٌ، والمعنى: ذواتَي قِسط.
قوله:{لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}؛ أي: في يوم القيامة، اللام هنا بمعنى" في"، وتسمى: لامَ التوقيت (٥)، وقوله:{فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}؛ أي: لا يُنْقَصُ من ثواب حسَناتِه، ولا يُزادُ على سيئاته، ونَصْبٌ {شَيْئًا} على خبرِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه (٦).
(١) هذا رأي الكوفيين، وأما البصريون فإنهنم يجعلون "أَمْ" في مثل هذا منقطعة بمعنى "بَلْ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء ١/ ٧١، ٧٢، معانِي القرآن للأخفش ص ٣١، ٣٢، تأويل مشكل القرآن ص ٥٤٦، ٥٤٧، الأزهية ص ١٣٠، ١٣١، الجنى الدانِي ص ٢٠٥، ٢٠٦، مغني اللبيب ص ٦٥. (٢) قاله ابن عباس، ينظر: شمس العلوم ٦/ ٣٦٨٠، ٣٦٨١. (٣) قاله الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٠٥، وحكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب في الياقوتة ص ٣٦٢. (٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٩٤. (٥) ينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٠٥، شمس العلوم ٩/ ٦١٣٩، خزانة الأدب ٢/ ٣٨٥. (٦) يعني: أنه مفعول ثانٍ للفعل المبني للمجهول، وهذا من مصطلحات الكوفيين.