وهو الاختيار لقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} (١)، ومحل {الَّذِي} خفض على نعت {الكَرِيمِ}.
وقوله: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)} {مَا} صلة لا محل لها، قال مجاهد ومقاتل والكلبي (٢): في أيِّ شَبَهٍ مِنْ أبٍ أو أُمٍّ أو خالٍ أو عَمٍّ، وقال عكرمة وأبو صالِحٍ (٣): إنْ شاءَ في صورة حِمارٍ، وإن شاء في صورة قِرْدٍ، وإن شاء في صورة كَلْبٍ، وإن شاء في صورة خِنْزِيرٍ (٤).
قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)} يعني الحساب الذي يَدِينُ اللَّهُ النّاسَ فِيه بأعمالهم، والمعنى: كَلّا لا يؤمن هذا الإنسانُ الكافرُ بالجزاء والحساب، فَيَزْعُمُ أنه غير كائن، قرأ أبو جعفر:"يُكَذِّبُونَ"(٥) بالياء، وقرأه
= بالتخفيف، ينظر: السبعة ص ٦٧٤، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٦، البحر المحيط ٨/ ٤٢٨، الإتحاف ٢/ ٥٩٤. (١) التين ٤، وهذا الاختيار اختيار الفراء، فقد قال: "ومن قرأ: {فَعَدَّلَكَ} مشددةً فإنه أراد، واللَّه أعلم-: جَعَلَكَ مُعْتَدِلًا مُعَدَّلَ الخَلْقِ، وهو أعجب الوجهين إلَيَّ، وأجودهما في العربية". معانِي القرآن ٣/ ٢٤٤، وحكاه الأزهري عن الفراء في التهذيب ٢/ ٢١١، وينظر: تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٦. (٢) ينظر: جامع البيان ٣٠/ ١٠٩، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ١٦٩، زاد المسير ٩/ ٤٨، التبيان للطوسي ١٠/ ٢٩٢، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٧. (٣) هو باذامُ، وقيل: باذانُ، أبو صالِحٍ الهاشِمِيُّ الكُوفِيُّ، مَوْلَى أم هانئ بنت أبِي طالب، تابِعِيٌّ رَوَى عن ابن عباس وعليٍّ وَأبِي هريرة، ضَعَّفَهُ البخاريُّ وغيره، وَوَثَّقَهُ العِجْلِيُّ، وقال ابن مَعِينٍ: "ليس به بأس"، وعامة ما يرويه تفسير. [التاريخ الكبير ٢/ ١٤٤، الجرح والتعديل ١/ ٢٩٦، تهذيب التهذيب ١/ ٣٦٤ - ٣٦٥]. (٤) ينظر قولهما في جامع البيان ٣٠/ ١٠٩، شفاء الصدور ورقة ٢١٧/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ١٤٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٧. (٥) قرأ بالياء أبو جعفر والحسن وشيبة وأبو بشر: "يُكَذِّبُونَ" بالياء، ينظر: البحر المحيط ٨/ ٤٢٨.