قوله تعالى في قصة فرعون وموسى: {فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠)} يعني موسى عليه السّلام، أرْى فِرْعَوْنَ العَصَى واليَدَ البَيْضاءَ، لها شُعاعٌ كَشُعاع الشَّمْسِ يغشى البصرَ، وهي أكبر الاثنتين {فَكَذَّبَ} بأنها من اللَّه {وَعَصَى (٢١)} نَبِيَّهُ فَلَمْ يُطِعْهُ، {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢)}؛ أي: أعْرَضَ عن الإيمان، وَسَعَى في الأرض بالفساد.
{فَحَشَرَ}؛ أي: جَمَعَ قَوْمَهُ وَجُنُودَهُ {فَنَادَى (٢٣)} لَمّا اجْتَمَعُوا حَوْلَهُ {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)}؛ أي: لا رَبَّ فَوْقِي، كَذَبَ -واللَّهِ- عَدُو اللَّهِ، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (٢٥)} أراد بالآخرة والأُولَى كَلِمَتَي فِرْعَوْنَ حين قال في الأُولَى: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}(١)، والأُخْرَى قوله:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، وكان بينهما أربعون سنةً، وقيل: عاقَبَهُ اللَّهُ في الدنيا في الأُولَى بالغَرَقِ، وفي الآخرة بالنار.
و {نَكَالَ} مصدرٌ؛ لأن معنى قوله:{فَأَخَذَهُ اللَّهُ}؛ أي: نَكَّلَ به، فجعل {نَكَالَ الْآخِرَةِ} مصدرًا من معناه، لا من لفظه، كأنه قال: أخَذَهُ اللَّه أخْذًا (٢)،
= التخريج: ديوانه ص ١٢١، معانِي القرآن للفراء ١/ ١٢١، ٣/ ٢٣٢، مجاز القرآن ٢/ ٢٨٥، الفاضل للمبرد ص ١٠، الزاهر لابن الأنباري ١/ ١٣، سر صناعة الإعراب ص ٤١٥، مقاييس اللغة ٣/ ١٠٩، جمهرة أشعار العرب ص ٢٤، الكشف والبيان ١٠/ ١٢٦، المحرر الوجيز ٥/ ٤٣٣، التبيان للطوسي ١٠/ ٢٥٤، مجمع البيان ١٠/ ٢٥٢، عين المعانِي ١٤٢/ أ، تفسير القرطبي ١/ ٢٥، ١٩/ ١٩٩، اللسان: سهر، فوه، البحر المحيط ٨/ ٤١٠، ارتشاف الضرب ص ١٢٩٨، الدر المصون ٦/ ٤٧٣، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ١٣٤، الدر المنثور ٦/ ٣١٢، همع الهوامع ٣/ ٢٠٤، خزانة الأدب ٤/ ٤٩٤. (١) القصص ٣٨. (٢) قاله الفراء والأخفش والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٣، معانِي القرآن للأخفش ص ٥٢٧، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٨٠، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٩٣، التبيان للعكبري ص ١٢٦٩.