السحاب، وقيل (١): هي الرُّسُلُ تُرْسَلُ بالمعروف، أُرْسِلَتْ مُتَتابِعةً يَتْبَعُ بَعْضُها بَعْضًا كَعُرْفِ الفَرَسِ، تقول العربُ: النّاسُ إلَى فُلَانٍ عُرْفٌ واحِدٌ: إذا تَوَجَّهُوا إليه وَتَتابَعُوا (٢)، وهو منصوب على الحال، وإن شئتَ نَصَبْتَهُ على المصدر، أو أنه اسمٌ أُقِيمَ مُقامَ المصدر على مقام التفسير؛ أي: أُرْسِلَتْ بِالعُرْفِ (٣).
{فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢)} يعني الرياح أيضًا الشَّدِيدةَ الهُبُوبِ، والفاء دليل إيصال الثانِي بالأول في أوصاف واحدةٍ هو مستقيم به، هكذا ذكره صاحب "إنسان العين"(٤).
{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣)} يعني الرياح اللَّيِّنةَ التي تأتِي بالمطر (٥)، فهي تَنْشُرُ السَّحابَ نَشْرًا، يقال: نَشَرَتِ الرِّيحُ؛ أي: جَرَتْ، قال جرير:
(١) قاله ابن مسعود وأبو هريرة ومسروق ومقاتل والكلبي وأبو صالح، ينظر: جامع البيان ٢٩/ ٢٨٤، الكشف والبيان ١٠/ ١٠٨، زاد المسير ٨/ ٤٤٤، تفسير القرطبي ١٩/ ١٥٤. (٢) قال الفراء: "وأما قوله: "عُرْفًا" فَيُقالُ: أُرْسِلَتْ بالمعروف، ويقال: تَتابَعَتْ كَعُرْفِ الفَرَسِ، والعرب تقول: تَرَكْتُ النّاسَ إلَى فلان عُرْفا واحدًا: إذا تَوَجَّهُوا إليه فَأكْثَرُوا". معانِي القرآن ٣/ ٢٢١، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٠٥، تأويل مشكل القرآن ص ١٦٦، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٩، الكشف والبيان ١٠/ ١٠٨. (٣) قال النحاس: "عُرْفًا: منصوب على الحال إذا كان معناه: متتابعة، وإذا كان معناه: والملائكة المرسلات بالعرف؛ أى: بأمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وطاعته وكتبه، فالتقدير: بالعرف، فحذف الباء فتعدى الفعل". إعراب القرآن ٥/ ١١٢، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٤٥، البيان للأنباري ٢/ ٤٨٦، التبيان للعكبري ص ١٢٦٢. (٤) هذا النص ليس في عين المعانِي، وهو يعني أن الفاء عطفت الثانِي على الأول. (٥) قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن ٣/ ٢٢٢، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٠٥، وينظر أيضًا: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٩.