ثم أخبر متى يكون ذلك، فقال تعالى:{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} أي: تتحرك وتضطرب بمَنْ عليها، والرَّجْفةُ: الحركة، ونصب {يَوْمَ} على الظرف (١) {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (١٤)} يعني: رَمْلًا سائِلًا مُتَناثِرًا إذا مَسِسْتَهُ تَتابَعَ، يقال لكل ما أرْسَلْتَهُ من يَدِكَ من رَمْلٍ أو تُرابٍ أو نحو ذلك: قد هِلْتُهُ أهِيلُهُ هَيْلا (٢)، يعني أن الجبال فتتَتْ من زَلْزَلَتِها، حتى صارت كالرمل المُذْرَى، وأصله مَهْيُولٌ "مفعول" من قول القائل: هِلْتُ الرَّمْلَ فأنا أهِيلُهُ هَيْلًا، وذلك أنه إذا تَحَرَّكَ أسْفَلُهُ انْهالَ عليه مِنْ أعلاه (٣)، يقال: مَهِيلٌ ومَهْيُولٌ ومَكِيلٌ ومَكْيُولٌ ومَعِينٌ ومَعْيُونٌ (٤)، قال الشاعر:
(١) والعامل في هذا الظرف هو الاستقرار الذي دَلَّ عليه قوله: "لَدَيْنا"، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٤٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٠، البيان للأنباري ٢/ ٤٧٠. (٢) قاله أبو عبيد في غريب الحديث ١/ ٢٥٢، وحكاه عنه الأزهري في تهذيب اللغة ٦/ ٤١٦، وينظر: الصحاح ٥/ ١٨٨٥، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٦، الوسيط ٤/ ٣٧٦، النهاية لابن الأثير ٥/ ٢٨٨. (٣) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ١٩٨، وينظر: إعراب القرآن ٥/ ٥٨، شفاء الصدور ورقة ١٧٧/ أ. (٤) يعني أن اسم المفعول من الأجوف اليائي هنا يجوز أن يأتِيَ بالإتمام، قال سيبويه: "وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول: "مخيوط ومبيوع. . . ولا نعلمهم أتَمُّوا في الواوات؛ لأن الواوات أثقل عليهم من الياءات". الكتاب ٤/ ٣٤٨، ٣٤٩، وينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٩٨، المقتضب ١/ ١٠٠ - ١٠١، الأصول لابن السراج ٣/ ٢٨٣ - ٢٨٤، وقال النحاس: "وقد أجْمَعُوا جَمِيعًا على أنه يجوز: مَهْيُولٌ ومَبْيُوعٌ ومَكْيُولٌ ومَغْيُومٌ، قال أبو زيد: هي لغة لتميم، وقال علقمة بن عبدة: يَوْمُ رَذاذٍ عَلَيْهِ الدَّجْنُ مَغْيُومُ فهذا جائز في ذوات الياء، ولا يجيزه البصريون في ذوات الواو". إعراب القرآن ٥/ ٥٨، ٥٩، وينظر: الخصائص ١/ ٢٦٠ - ٢٦١.