على صِحّةِ هذا التأويل ما بعده (١)، وَرُوِيَ ذلك عن ابن عباس، ونصب {هَلُوعًا} على الحال، وهي الحال المُقَدَّرةُ؛ لأنه إنَّما يَحْدُثُ فيه الهَلَعُ بعد خَلْقِهِ لا في حالِ خَلْقِهِ (٢).
وقوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١)} يعني: إذا أصابه الفَقْرُ لا يَصْبِرُ، وإذا أصابه المالُ مَنَعَهُ.
والمَنُوعُ: الذي يَمْنَعُ غَيْرَهُ، والمَنِيعُ: الذي يَمْنَعُ نَفْسَهُ (٣)، وهما منصوبان على تقدير خبر "كانَ" مضمرةً؛ أي: يَكُونُ جَزُوعًا وَيَكُونُ مَنُوعًا (٤)، وقيل (٥): نصبهما على النعت لِهَلُوع.
ثم استثنى الموحدين، فقال: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ} يعني المكتوبة {دَائِمُونَ (٢٣)} يُقِيمُونَها في أوقاتها، لا يلتفتون يَمِينًا ولا شِمالًا، فهذا
(١) يعني قوله تعالى: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا}، قال أبو عبيدة: "إنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا"، قد فَسَّرَها اللَّهُ: لا يَصْبِر {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا}. مجاز القرآن ٢/ ٢٧٠، وينظر: الوسيط ٤/ ٣٥٣. (٢) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٠٨، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٦١، الفريد ٤/ ٥٢٩. (٣) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٣١. (٤) قاله مَكِّيٌّ والأنباريُّ، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٠٨، البيان للأنباري ٢/ ٤٦١، وينظر: الفريد للهمداني ٤/ ٥٢٩. (٥) قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ١/ ٣٧٧، ٣/ ١٨٥، إعراب القرآن ٥/ ٣١، قال مَكِّيٌّ: "وهو بعيد؛ لأنك تنوي به التقديم قبل "إذا". مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٠٨، وينظر: الفريد للهمداني ٤/ ٥٢٩.