حُكِيَ عن الرَّبِيعِ بن خُثَيْمٍ أنه كان إذا قرأ هذه الآيةَ أخَذَ بجِلْدةِ ذِراعِهِ ويقول: يا لَحْماهُ يا دَماهُ: أين أنتَ يومئذ؟ {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥)} يعني: وقعت الصيحة الأخرى بعد الصيحة الأولَى، وقامت القيامة، {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ} يعني: انفجرت السماء لِنُزُولِ الرَّبِّ تعالى ومَنْ فيها مِن الملائكة، {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦)}؛ أي: ضعيفة من الخوف، وهي اليومَ غَلِيظةٌ شديدةٌ، يقال: وَهَى الشَّيْءُ يَهِي، فهو واهٍ: إذا تَشَقَّقَ وتَصَدَّعَ.
قوله:{وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} يعني الملائكة، وهو اسم جنس (١)، وأرْجاؤُها: نواحيها وأطرافها وجوانبها وأقطارها بلغة هُذَيْلٍ (٢)، واحدها رَجًا مقصور، وهو يكتب بالألف؛ لأن تثنيته: رَجَوانِ، مثل: قَفًا وقَفَوانِ (٣).
قال الضحاك (٤): إذا كان يومُ القيامة أمَرَ اللَّهُ السماء الدنيا فَتَشَقَّقَتْ، وتكون الملائكة على حافّاتِها حتى يأمرهم الرَّبُّ، فَيَنْزِلُونَ إلَى الأرض، فيحيطون بالأرض ومَنْ عليها.
{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ} يعني: فَوْقَ رُؤوسِ الحَمَلةِ {يَوْمَئِذٍ} يعني: يوم القيامة {ثَمَانِيَةٌ (١٧)} يعني ثمانية أمْلاكٍ على صورة الأوْعالِ، ما بين أظْلافِهِمْ
(١) قال أبو عمر الزاهد: "والمَلَكُ: واحدٌ فِي معنى جَمْعٍ؛ أي: والملائكة". ياقوتة الصراط ص ٥٢٧. (٢) قاله المُؤَرِّجُ، ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٦٠/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ٢٨، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٦٦. (٣) ينظر: المقصور والممدود للفراء ص ٣٥، المقصور والممدود لابن ولاد ص ٤٥، ياقوتة الصراط ص ٥٢٨. (٤) ينظر قوله في جامع البيان ٢٩/ ٧١، الوسيط ٤/ ٣٤٥، زاد المسير ٨/ ٣٥٠.