يريد اللَّيْلَ؛ لأنه يَنْصَرِمُ من النهار، والصَّرِيمانِ: اللَّيْلُ والنَّهارُ، وأصل الصَّرِيمِ: المَصْرُومُ، وكُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ مِنْ شَيْءٍ فهو صَرِيمٌ، فالليل صَرِيمٌ والنهار صَرِيمٌ؛ لأن كل واحد منهما يَنْصَرِمُ من صاحبه (٢).
قوله تعالى: {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١)} نادَى بعضُهم بعضًا وقت الصباح {أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (٢٢)} يعني: قاطِعِينَ الجَنّةَ، ولَمْ يعلموا أنها قد احترقت، و {مُصْبِحِينَ} نصب على الحال أيضًا، {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (٢٣)} يَتَشاوَرُونَ ويُسِرُّونَ الكلامَ بينهم {أَنْ لَا}؛ أي: بِألّا {يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (٢٥)}؛ أي: على جِدٍّ وجُهْدٍ قادرين عند أنفسهم على جَنَّتِهِمْ وثِمارِها، لا يَحُولُ بينها وبينهم آفةٌ.
وأصل الحَرْدِ في اللغة يكون بمَعْنَى المَنْعِ والغَصْبِ والقَصْدِ، تقول العرب: حارَدَتِ السَّنةُ: إذا لَمْ يَكُنْ فيهَا مَطَرٌ، وحارَدَتِ النّاقةُ: إذا لَمْ يَكُنْ بِها لَبَنٌ (٣)، قال الشاعر:
(١) هذا عجز بيت من الوافر، وصدره: تَطاوَلَ لَيْلُكَ الجَوْنُ البَهِيمُ ويُرْوَى: "عَنْ لَيْلٍ"، ويَنْجابُ: يَنْشَقُّ ويَنْكَشِفُ، الصَّرِيمُ: الليل، والصريم: النهار، والمراد هنا الليل، وهو من الأضداد. التخريج: جامع البيان ٢٩/ ٣٨، الأضداد لأبِي الطيب اللغوي ١/ ٤٢٨، عين المعانِي ورقة ١٣٦/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٤١، التبيان للطوسي ١٠/ ٨٠، الجمان في تشبيهات القرآن ص ٣١٦، اللسان: صرم، التاج: صرم، فتح القدير ٥/ ٢٧١. (٢) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٧٩، وهذا اللفظ من الأضداد، ينظر: الأضداد لقطرب ص ١٢١ - ١٢٢، الأضداد لابن الأنباري ص ٨٤، الأضداد لأبِي الطيب ص ٤٢٦ - ٤٢٨. (٣) قاله أبو عبيدة وابن السكيت، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٦٥، إصلاح المنطق ص ٤٧، وينظر: =