فَوْقَهُمْ، فَتُلْقِيهِمْ إلَى أسْفَلَ، هكذا ذكره الواحديُّ (١)، ومِثْلَهُ قال الثعلبيُّ (٢).
ومنهم من قال: يَعْنِي الرَّبُّ نَفْسَهُ، قال المحققون: ومعنى قوله: {مَنْ فِي السَّمَاءِ}؛ أي: فوق السماء، كقوله تعالى:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ}(٣) أي: فوقها، وقيل: معناه: على السماء، كقوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}(٤)، ومعناه أنه فوقها لا بِالمُماسّةِ والتَّحَيُّزِ، ولكن بالقهر والتدبير، فهو مالكها ومُدَبِّرُها والقائم عليها، كما يقال: فُلَانٌ على العراق والحجاز، وفُلَانٌ عَلَى خُراسانَ وسِجِسْتانَ، يَعْنُونَ أنه والِيها وأمِيرُها (٥)، واللَّه أعلم، وفيه أقاويل كثيرة يطول شرحها.
ثم قال تعالى:{أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} وهي الحجارة كما أرْسَلَ على قوم لوط وأصحاب الفيل {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)}؛ أي: إنْذارِي إذا عايَنْتُم العذابَ عند الموت وفي الآخرة، وهو في موضع رفع (٦)؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
(١) الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٤/ ٣٢٩. (٢) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٥٩، ٣٦٠. (٣) التوبة ٢. (٤) طه ٧١. (٥) من أول قوله: "قال المحققون" قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ٣٥٩ - ٣٦٠، وينظر: الكشاف ٤/ ١٣٨، عين المعانِي ورقة ١٣٦/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٢١٦. (٦) يعني أن {كَيْفَ} في مَحَل رفع على أنه خَبَر مقدم، و {نَذِيرِ} مبتدأ مؤخر، ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٤٧١.