قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني كفار مكة {لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} يعني يوم القيامة {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ} في الآخرة {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧)} فِي الدنيا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}؛ أي: خالصةً، قرأ العامة بفتح النون على نعت التوبة، وَرَوَى أبو بكر عن عاصم بِضَمِّهِ على المصدر (١)، وهي قراءة الحَسَنِ.
والتوبة النَّصُوحُ: أن يتوب ثم لا يعود إلى الذَّنْبِ، كما لا يعود اللَّبَنُ إلَى الضَّرْعِ، رَوَى ذلك مُعاذُ بن جبل عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، والمعنى: أنها تَنْصَحُ صاحِبَها بِتَرْكِ العَوْدِ إلَى ما تاب منه، وأصله من النُّصْحِ، يقال: نَصَحْتُ له نُصْحًا ونُصُوحًا، ويقال أيضًا: نَصَحْتُ الثَّوْبَ: إذا خِطْتَهُ، والناصح: الخَيّاطُ، والنِّصاحُ: الخَيْطُ (٤).
(١) قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجةُ عن نافع، والحسنُ والأعرجُ وعيسى بنُ عمر: {نُصُوحًا} بضم النون، وقرأ الباقون وحفص ونافع بفتح النون، ينظر: السبعة ص ٦٤١، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٩، البحر المحيط ٨/ ٢٨٨، الإتحاف ٢/ ٥٤٨. (٢) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ١٤٤/ ب، الكشف والبيان ٩/ ٣٥٠، شمس العلوم ١٠/ ٦٦٢٤، عين المعانِي ورقة ١٣٥/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٩. (٣) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٤٩٥ كتاب التفسير: سورة التحريم، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ١٥٤ كتاب الشهادات: باب شهادة القاذف، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٥٠، الوسيط ٤/ ٣٢٢، الدر المنثور ٣/ ٦١، ٦/ ٢٤٥. (٤) قاله الأصمعي وأبو زيد وابن السكيت، ينظر: إصلاح المنطق ص ١٧٤، ١٧٥، تهذيب اللغة ٤/ ٢٤٩، وينظر أيضًا: شمس العلوم ١٠/ ٦٦٢٤، اللسان: نصح.