أي: تَطْلُبُ رِضا عائشة وحفصة بتحريمِ مارِيةَ على نفسك {وَاللَّهُ غَفُورٌ} لِهَذِهِ اليمينِ التي حَلَفْتَ عليها {رَحِيمٌ (١)} بِكُمْ لا يُعَذِّبُ مَنْ تاب إليه.
قوله:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ}؛ أي: بَيَّنَ وأوْجَبَ لكم {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} يعني تَحْلِيلَها بِالكَفّارةِ. وأصل تَحِلّةٍ: تَحْلِلةٌ على وزن "تَفْعِلة"، ثم ألقيت حركة اللام الأولَى على الحاء، وأدغمت في الثانية (١)، وتَفْعِلةٌ من مصادر التَّفْعِيل كالتوصية والتسمية، والتَّحِلّةُ مصدر حَلَّلْتُ {وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ} وَلِيُّكُمْ وَناصِرُكُمْ {وَهُوَ الْعَلِيمُ} بِخَلْقِهِ {الْحَكِيمُ (٢)} فيما فَرَضَ من حُكْمِهِ.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} يعني عائشة وحفصة، يريد: مِنْ أذَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؛ أي: عَدَلَتْ ومالَتْ إلى الحق، قال الشاعر:
أي: إلَى الحق، وإنما جمع القَلْبَ -وهما اثنان- لأن كل شيء ليس في الإنسان منه غَيْرُ واحدٍ إذا قُرِنَ به مِثْلُهُ فهو جَمْعٌ (٣)، وقيل (٤): لأن معنى الجمع
(١) قاله مَكِّيٌّ بنصه في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٨٧. (٢) البيت من الكامل، لم أقف على قائله. التخريج: عين المعانِي ورقة ١٣٥/ أ. (٣) قاله الخليل وسيبويه والفراء والأخفش، ينظر: الكتاب ٣/ ٦٢١ - ٦٢٢، معانِي القرآن للفراء ١/ ٣٠٦: ٣٠٨، معانِي القرآن للأخفش ص ٢٢٩، ٥٠٣، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٢/ ١٩، الإغفال ١/ ٢٦٨، المسائل الشيرازيات ص ٤٦٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٨٧. (٤) قاله الزَّجّاجُ والزَّجّاجِيُّ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٧٣، الجمل للزجاجي ص ٣١٢، وحكاه النحاس عن بعضهم في إعراب القرآن ٤/ ٢/ ٢٠، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٨٧، كشف المشكلات ٢/ ٣٧٢، الفريد للهمداني ٤/ ٤٨٨.