في ذلك الخطاب كدخول الرعايا في خطاب الرئيس، وهذه السورة تسمى سورة النساء القُصْرَى، ومعنى الآية: إذا أرَدْتُمْ تَطْلِيقَهُنَّ، كقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}(١)، {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}(٢).
وقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ (١)}؛ أي: في عِدَّتِهِنَّ، اللام هاهنا في موضع "في"، وتُسَمَّى لامَ التوقيت (٣)، والمعنى: فَطَلِّقُوهُنَّ في حالِ وَقْتِ العِدّةِ، وهو زمان الطهر، وتقول: آتِيكَ لِشَهْرِ رَمَضانَ أي: في شهر رمضان أوَّلَهُ أو أوْسَطَهُ أو آخِرَهُ، وإذا لَمْ يكن الوقت فَسِيحًا كان اللام بمعنى "عِنْدَ" نحو: آتِيكَ لِغُرُوبِ الشمس (٤).
نزلت هذه الآية في عبد اللَّه بن عُمَرَ (٥) لَمّا طَلَّقَ امرأته حائِضًا، فَأمَرَ اللَّهُ تعالى الزَّوْجَ أن يطلق امرأتَهُ -إذا شاءَ الطلاقَ- في طُهْرِها، وهو قوله:{لِعِدَّتِهِنَّ}؛ أي: لِزَمانِ عِدَّتِهِنَّ، وهو أن يطلقها طاهرا من غير جماع.
(١) المائدة ٦. (٢) النحل ٩٨، وهذا قول الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٨٣. (٣) قاله الجرجانِي كما ذكر القرطبي في تفسيره ١٨/ ١٥٢، وهذه هي اللام المسماة باللام الظرفية، وينظر: الفريد ٤/ ٤٨٢، الجنى الدانِي ص ٩٩، مغني اللبيب ص ١٤١، ٢٨٠، ٢٨١، ٣٤٢. (٤) يرى ابن جني أن اللام هنا بمعنى "عِنْدَ"، فقد قال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}؛ أي: عند عِدَّتِهِنَّ، ومثله قوله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}. المحتسب ٢/ ٣٢٣، وبه قال العكبريُّ في التبيان ص ١٢٢٧، وينظر: الفريد للمنتجب الهمدانِي ٤/ ٤٨١، ٤٨٢، البحر المحيط ٨/ ٢٧٧. (٥) ينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٣٣، أسباب النزول ص ٢٨٩، الوسيط ٤/ ٣١٠، لباب النقول ص ١٩٨.