واختلف في ذلك أهلُ اللسان، فقال أبو بكر الوَرّاقُ: الرَّوْحُ: النجاة من النار والرَّيْحانُ: دخول دار القَرارِ، وقيل: الرَّوْحُ: السلامة، والرَّيْحانُ: الكرامة، وقيل: الرَّوْحُ: مُعانَقةُ الأبكار، والرَّيْحانُ: مرافقة الأبرار، وقيل: الرَّوْحُ: الموت على الشهادة، والرَّيْحانُ: نداء السعادة، وقيل: الرَّوْحُ: كَشْفُ الكُرُوبِ، والرَّيْحانُ: غُفْرانُ الذُّنُوبِ، وقيل: الرَّوْحُ: تخفيف الحساب، والرَّيْحانُ: تضعيف الثواب، وقيل: الرَّوْحُ: عَفْوٌ بلا عتاب، والرَّيْحانُ: رِزْقٌ بلا حساب، وقيل: الرَّوْحُ لأزواجهم، والرَّيْحانُ لِقُلُوبِهِمْ، والجنة لأبدانهم، وقيل:"فَرَوْحٌ" للسابقين، "وَريحانٌ" لِلْمُقْتَصِدِينَ، "وَجَنّةُ نَعِيمٍ" للصائمين (١).
قوله:{فَأَمَّا إِنْ كَانَ} يعني هذا الميت {مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠)} وهم التابعون بإحسان {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)}؛ أي: سَلَامةٌ لك يا محمد من أصحاب اليمين، يعني: أنك ترى فيهم ما تُحِبُّ من السلامة، وقيل: معناه: فَسَلَامٌ عليك من أصحاب اليمين، وارتفع على معنى: فَلَكَ سَلامٌ، وَهُوَ سَلَامٌ لَكَ مِنْ أصْحابِ اليَمِينِ (٢).
قوله:{وَأَمَّا إِنْ كَانَ} يعني هذا المَيِّتَ {مِنَ الْمُكَذِّبِينَ} يعني: بالبعث {الضَّالِّينَ (٩٢)} عن الهُدَى، قال الحسن: وهم أصحاب المشأمة {فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣)}؛ أي: فَلَهُ نُزُلٌ من حميم وهو الحارُّ الشديد الذي قد انتهى حَرُّهُ {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤)} وإدْخالُ نارٍ عَظِيمٍ (٣)، والجَحِيمُ: ما عَظُمَ من النار.
(١) ينظر في هذه الأقوال: الكشف والبيان ٩/ ٢٢٤، ٢٢٥، عين المعانِي ورقة ١٣١/ ب. (٢) يعني بقوله: "فلك سلامٌ" أنه مبتدأ وخبر، وبقوله: "وهو سلام لك. . . " أن "سَلامٌ" خبر لمبتدأ محذوف تقديره "هو"، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٥٥. (٣) قوله: "وَإدْخالُ نارِ عَظِيمٍ" فيه تذكير لوصف النار، وهي مؤنثة، ولا تُذَكَّرُ بحالٍ، قال الفراء: "والنار: أنثَى، وتَحْقِيرُها: نُوَيْرةٌ، وتجمعها: أنْوُرٌ ونيرانٌ". المذكر والمؤنث =