رُوحِهِ أقْرَبُ إلى الميت من أهله، وقيل: أراد مَلَكَ الموت وأعْوانَهُ، والمعنى: وَرُسُلُنا القابِضُونَ لِرُوحِهِ أقْرَبُ إليه منكم {وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥)} يعني: أولئك الحاضرين.
قوله:{فَلَوْلَا}؛ أي: فَهَلّا {إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦)}؛ أي: غير مَمْلُوكِينَ أذِلَّاءَ، من قولك: دِنْتُ له بالطاعة (١)، وقيل (٢): مُحاسَبِينَ ومَجْزِيِّينَ.
فإن قيل: أين جواب قولِهِ: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} وقولِهِ: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}؟ فالجواب عنه ما قاله الفراء (٣): أنهما أُجِيبا بجوابٍ واحدٍ، وهو قوله تعالى:{تَرْجِعُونَهَا}، وربما أعادت العَرَبُ الحرفين ومعناهما واحد، وهذا من ذلك، ومنه قوله تعالى:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}(٤) أُجِيبا بجواب واحد وهما جزاءان، وقيل (٥): في الآية تقديمٌ وتأخيرٌ، مَجازُها: فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها، أي: تَرُدُّونَ نَفْسَ المَيِّتِ إلى جَسَدِهِ إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ.
ثم ذكر طَبَقاتِ الخَلْقِ عند الموت بقوله تعالى:{فَأَمَّا إِنْ كَانَ} يعني هذا الميت {مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨)} يريد: عند اللَّه في الدرجات والفضل {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}
(١) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٥٢، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٥. (٢) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٥٣، وحكاه عنه ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٤٥٢، وحكاه ابن الجوزي عن ابن عباس وابن جبير والحسن وعطاء وعكرمة في زاد المسير ٨/ ١٥٥، وينظر أيضًا: غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٥. (٣) معانِي القرآن ٣/ ١٣٠. (٤) البقرة ٣٨. (٥) ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان ٩/ ٢٢٤، وينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ٢٣٢، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ٤٤٥.