الواو محذوفة الألف على الواحد، قال المبرد (١): "مَوْقِعٌ" هاهنا مصدر فهو يصلح للواحد والجمع، وقرأ الباقون:"بِمَواقِعِ" على الجمع، وهو الاختيار (٢).
قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦)} أخْبَرَ عن عِظَمِ القَسَمِ، قال الفَرّاءُ (٣) والزَّجّاجُ (٤): وهذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نُزُولُ القرآن، والضمير في "إنّهُ" يعود على القَسَمِ، ودَلَّ عليه "أُقْسِمُ"، والمعنى: وَإنّ القَسَمَ بمواقع النجوم لَقَسَمٌ عَظِيمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ.
ثم ذكر المُقْسَمَ عليه بقوله: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)} حَسَنٌ عَزِيزٌ مُكَرَّمٌ، وقيل: غير مَخْلُوقٍ، وقيل: سُمِّيَ كَرِيمًا لأنّ يُسْرَهُ يَغْلِبُ عُسْرَهُ (٥)، وقال مقاتل (٦): كَرَّمَهُ اللَّهُ وأعَزَّهُ لأنه كلامه، وقال أهل المعانِي (٧): القرآن الكريم: الذي من شأنه أن يُعْطِيَ الخَيْرَ الكَثِيرَ بالدلائل التي تُؤَدِّي إلى الحَقِّ في الدِّينِ، قال الأزهريُّ (٨): الكَرِيمُ: اسْمٌ جامِعٌ لِما يُحْمَدُ، والقرآن كَرِيمٌ لِما فيه من الهُدَى والبَيانِ والعلم والحكمة.
(١) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٢٣٩. (٢) قال ابن خالويه: "وقرأ الباقون بالجمع، وهو الاختيار، لأن مواقع النجوم هاهنا يعني بها نجوم القرآن ونُزُولَها من السماء الدنيا على محمد عليه السّلام، وكان يَنْزِلُ نجومًا". إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨. (٣) معانِي القرآن ٣/ ١٢٩. (٤) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٥. (٥) تنظر هذه الأقوال في: الكشف والبيان ٩/ ٢١٨، زاد المسير ٨/ ١٥١، تفسير القرطبي ١٧٢٢٤. (٦) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٢٣٩. (٧) ذكره الواحدي في الوسيط ٤/ ٢٣٩. (٨) تهذيب اللغة ١٠/ ٢٣٤.