وقال آخرون (١): هو استثناء منقطعٌ، مجازه: لَكِنِ اللَّمَمَ، ولَمْ يجعلوا اللَّمَمَ من الكبائر والفواحش، ثم اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: هو ما سَلَفَ في الجاهلية فلا يُؤاخِذُهُمْ به، وذلك أن المشركين قالوا للمسلمين: إنّما كانوا بالأمس يعملون معنا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (٢).
وقال بعضهم (٣): هو صِغارُ الذُّنُوبِ من النظرة والغَمْزةِ والقُبْلةِ وما كان دون الزنا، وقيل (٤): اللَّمَمُ هو أن يُلِمَّ بَالذَّنْبِ، ثم لا يعود إليه، وقيل (٥): هو ما ألَمَّ على القَلْبِ أي: خَطَرَ، وقيل (٦): هي النظرة من غير تَعَمُّدٍ وهو مغفور، فإن أعادَ النظرَ فليس بِلَمَمٍ بل هو ذنب.
وأصل اللَّمَمِ والإلْمامِ: هو ما يعمله الإنسان المَرّةَ بعد المَرّةِ، والحِينَ بعد الحِينِ، ولا يَتَعَمَّقُ فيه، ولا يُقِيمُ عليه، يقال: ألْمَمْتُ به: إذا زُرْتَهُ وانْصَرَفْتَ
= ١/ ٣٥٠، اللسان: جمم، لمم، لا، الجنى الدانِي ص ٢٩٨، مغني اللبيب ص ٣٢١، المقاصد النحوية ٤/ ٢١٦، اللباب في علوم الكتاب ١٨/ ١٩٥، شرح شواهد المغني ص ٦٢٥، خزانة الأدب ٢/ ٢٩٥، ٤/ ٤، ٧/ ١٩٠. (١) هذا قول أكثر العلماء، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٣٧، إعراب القرآن ٤/ ٢٧٥، الصاحبي ص ١٨٦، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٣٢، المحرر الوجيز ٥/ ٢٥٤، الكشاف ٤/ ٣٢، البحر المحيط ٨/ ١٦٢. (٢) ينظر في سبب نزولها: جامع البيان ٢٧/ ٨٥، الدر المنثور ٦/ ١٢٧. (٣) قاله ابن مسعود وأبو هريرة وحذيفة ومسروق والشعبي، ينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٤٨، الوسيط ٤/ ٢٠٣، تفسير القرطبي ١٧/ ١٠٦. (٤) قاله ابن عباس ومجاهد والحسن وابن قتيبة، ينظر: غريب القرآن ص ٤٢٩، وغريب الحديث لابن قتيبة ص ٢٣٠، ياقوتة الصراط ص ٤٨٩، الكشف والبيان ٩/ ١٤٨، القرطبي ١٧/ ١٠٧. (٥) قاله عطاء بن أبِي رباح، ينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٤٩، تفسير القرطبي ١٧/ ١٠٨ (٦) حكاه الفراء عن الكلبي في معانِي القرآن ٣/ ١٠٠، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٤٩.