قوله تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥)} يعني السماء، سَمّاها سَقْفًا لأنها للأرض كالسقف للبيت، بدليل قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}(١)، ورَفَعَها على الأرض مَسِيرَ خَمْسِمِائةِ عام، وجَعَلَها مَأْوًى للملائكة، وَلما أنْشَأ فيها من الشمس والقمر والنجوم والسحاب، وقال الربيع: السقف المرفوع: العرشُ.
{وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦)} قيل: المَفْجُورِ، كقوله: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣)} (٢)، وقيل: المَمْلُوءُ، يقال: سَجَرْتُ الإناءَ: إذا مَلأْتَهُ، ورُوِيَ عن عَلِيِّ بن أبِي طالب رضي اللَّه عنه أنه قال (٣): "هو بَحْرٌ تحت العرش، غَمْرُهُ كما بَيْنَ سبع سماوات إلى سبع أرَضِينَ، وهو بَحْرُ ماءٍ غَلِيظٍ، يقال له: بَحْرُ ماءِ الحَيَوانِ، يُمْطِرُ العِبادَ للنفخة الأولى أرْبَعِينَ صَباحًا، فَيَنْبُتُونَ في قبورهم".
وقيل: البحر المسجور: المُوقَدُ، مأخوذ من السَّجْرِ، وهو إيقاد النار في التَّنُّورِ، وهذا كما يُرْوَى أن اللَّه تعالى يجعل البِحارَ كُلَّها نارًا، فَتُزادُ في نار جَهَنَّمَ (٤)، والبحر: الشَّقُّ، وسُمِّيَ بَحْرًا لاسْتِبْحارِهِ واتِّساعِهِ وانْبساطِهِ، ويقال: فَرَسٌ بَحْرٌ: إذا كان كَثِيرَ العَدْوِ، واسْتَبْحَرَ فُلَان في العِلْمِ والمالِ: إذا اتَّسَعَ (٥).
(١) الأنبياء ٣٢. (٢) الانفطار ٣. (٣) ينظر: جامع البيان ٢٧/ ٢٨، الكشف والبيان ٩/ ١٢٦ - ١٢٧، الوسيط ٤/ ١٨٥، تفسير القرطبي ١٧/ ٦٢. (٤) رواه الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ١٢٥، وينظر: الوسيط ٤/ ١٨٥، زاد المسير ٨/ ٤٨، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٣٠. (٥) من أول قوله: "والبحر: الشق" قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٦٣/ ب، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ٥/ ٣٧، وينظر: اللسان: بحر.