نَهَارٍ} يعني: في جَنْبِ القيامة، وقيل: لأنهم يُنْسِيهِمْ هَوْلُ ما عايَنُوا من العذاب قَدْرَ مُكْثِهِمْ في الدنيا، كأنه ساعة من نهار؛ لأن ما مضى كَأنْ لَمْ يكن وإن كان طويلًا، و {سَاعَةً} فصب على الظرف.
وتَمَّ الكلامُ ثم قال:{بَلَاغٌ} ارتفع بإضمارٍ، يعني: أن هذا القرآن وما فيه من البيان بلاع عن اللَّه إليكم، يعني كفار مكة، والبلاغ بمعنى التبليغ، وقال ابن الأنباري (١): ارتفع البلاع بإضمار: ذلك بلاغٌ أو هو بَلَاغٌ، ويجوز في العربية:"بَلَاغًا" بالنصب و"بَلَاغٍ" بالخفض، وبالنصب قرأ عيسى بن عمر (٢)، فمن نصبه جعله بدلًا أو مصدرًا أو نعتًا لـ "ساعةً"، ومَنْ خَفَضَهُ رَدَّهُ على قوله:"نَهارٍ بَلَاغٍ"، ولا يجوز لأحد أن يقرأ بالوجهين؛ لأنهما لا إمامَ لهما هكذا، وأنشد الفراء (٣) في الإضمار:
(١) إيضاح الوقف والابتداء ص ٣١٤ - ٣١٥، وقوله: "وبالنصب قرأ عيسى بن عمر" هو من نَصّ آخَر لابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ٨٩٤. (٢) قرأ بالنصب عيسى بنُ عُمَرَ والحَسَنُ وزيدُ بن عَلِيٍّ وأبو عَمْرٍو الهُذَلِيُّ، وقرأ الحسن بالخفض على النعت للنهار، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤١، المحتسب ٢/ ٢٦٨، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٢٢، البحر المحيط ٨/ ٦٨، الإتحاف ٢/ ٤٧٣. (٣) لَمْ أقف على هذا البيت في معانِي القرآن ولا في غيره من كتب الفراء، وإنما أنشده ابن الأنباري عن الفراء في الزاهر ٢/ ٨. (٤) البيت من الكامل، لجميل بثينة، وليس في ديوانه. التخريج: إيضاح الوقف والابتداء ص ٣١٥، ٦٤٩، الزاهر ٢/ ٨، ٢٧٩. (٥) التوبة ١.