نَظْمُ هذه الآية وإعرابُها في سورة الجاثية (١)، فأغنى عن الإعادة هاهنا؛ إذِ المعنى واحدٌ.
وما بعدها ظاهر التفسير الى قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} يعني: في الأرض {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ}"أمْ" هاهنا صلة (٢)، يقول: ألَهُمْ شِرْكٌ مع اللَّه في مُلْكِ السماوات والأرض {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا} يعني القرآن، فيه بُرْهانُ ما تَدَّعُونَ من عبادة الأصنام {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} أي: بقية من علم الأولين {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤)} أن للَّهِ شريكًا.
قرأ العامة:"أوْ أثارةٍ" بألف، وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ والحَسَنُ:"أوْ أثَرةٍ" بفتح الهمزة والثاء من غير ألف، وقرأ عكرمة:"أوْ مِيراثٍ مِنْ عِلْمٍ"(٣)، ومعنى قوله:"أوْ أثارةٍ"؛ أي: بَقِيّةٍ، يقا لى: ناقةٌ ذاتُ أثارةٍ؛ أي: بَقِيّةٍ من شَحْمٍ (٤)، وهي مصدر، قال الشاعر:
(١) انظر ما سبق ص ٧٥٣. (٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٣/ ب، وكثيرًا ما يُعَبِّرُ المؤلفُ بقوله: الميم في "أمْ" صلة، وهو يقصد أن "أمْ" بِمَعْنَى هَمْزةِ الاستفهام، ولكن الصحيح أن "أمْ" هنا منقطعة بِمَعْنَى "بَلْ" والهمزةِ، والمعنَى: بَلْ ألَهُمْ شِرْكٌ؟ (٣) قرأ عَلِيُّ بن أبِي طالب والسُّلَمِيُّ والحَسَنُ وقتادة: "أثَرةٍ" بفتح الثاء، ورُوِيَ عنه أيضًا: "أثْرةٍ" بإسكان الثاء، ورُويَت عن ابن عباس وزيد بن عَلِيٍّ وعِكْرِمةَ والأعمش والعطاردي وعمرو ابن ميمون، وقرأَ عكرمة: "أوْ مِيراثٍ مِنْ عِلْمٍ"، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٤٠، المحتسب ٢/ ٢٦٤، تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٢، البحر المحيط ٨/ ٥٦. (٤) قاله أبو عبيدة والنحاس، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢١٢، معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٤٨، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ١٠٣، لسان العرب: أثر. (٥) البيت من الوافر للراعي النميري، ورواية ديوانه: "فِي أكِمَّتِهِ قِفارًا"، ونُسِبَ للشماخ، وهو =