رَحِمَ اللَّهُ، هكذا ذكره الصَّفّارُ (١)، وإن شئت جعلته نصبًا على الاستثناء والانقطاع عن أول الكلام، وهو قول الكسائي والفراء (٢)، تريد: اللَّهُمَّ إلّا مَنْ رَحِمَ اللَّه {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ} في نِقْمَتِهِ من أعدائه الذين لا شفاعة لهم {الرَّحِيمُ (٤٢)} بالمؤمنين المُوَحِّدِينَ الذين استثنى اللَّهُ تعالى فِي هذه الآية.
قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣)} تقدم تفسيره فِي الصافات (٣)، {طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)} الفاجر ذي الإثم، وهو أبو جهل {كَالْمُهْلِ} وهو دُرْدِيُّ الزَّيْتِ وعَكَرُ القَطِرانِ (٤)، وقد تقدم تفسيره في سورة الكهف (٥) {يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥)} يعني بطون الكفار {كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)} يعني الماءَ الحارَّ إذا اشْتَدَّ غَلَيانُهُ.
قرأ ابن كثير وحَفْصٌ ورُوَيْسٌ:{يَغْلِي} بالياء، جعلوا الفعل للمُهْلِ، واختاره أبو عبيد (٦)، قال (٧): لأن المُهْلَ مُذَكَّرٌ، وهو الذي يَلي الفِعْلَ، فصار أوْلَى به التذكيرُ ولِلْقُرْبِ، وقرأ الباقون بالتاء لتأنيث الشجرة (٨)، قال أبو علي
(١) يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ١٣٣، ١٣٤. (٢) معانِي القرآن للفراء ٣/ ٤٢، وينظر قول الكسائي في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٣٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٩١. (٣) يعني قوله تعالى: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ} الآية ٦٢، ينظر ٢/ ٢٦٧. (٤) دُرْدِيُّ الزيتِ: هو ما يبقى في أسفله، ينظر: غريب الحديث لأبي عبيد ٣/ ٢١٨، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨٢، شفاء الصدور ورقة ٦/ أ، ٦/ ب، لساَن العرب: مهل. (٥) يعني قوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} الآية ٢٩، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب. (٦) ينظر اختياره في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٣٤، الوسيط للواحدي ٤/ ٩٢. (٧) ينظر قول أبِي عبيد في الوسيط ٤/ ٩٢. (٨) ينظر: السبعة ص ٥٩٢، تفسير القرطبي ١٦/ ١٤٩، البحر المحيط ٨/ ٤٠، الإتحاف ٢/ ٤٦٣ - ٤٦٤.