«وسألت عبد الرحمن، عن حديث من حديث الحسن بن صالح، فأبى أن يحدثني به؛ وقد كان حدث عنه ثلاثة أحاديث ثم تركه. وذكره يحيى بن سعيد فقال: «لم يكن بالسكة»» (١).
ومعنى العبارة: أن النقاد عجموا الحسن بن صالح بن حي كما يعجم الدينار فألفي مغشوشا، أو أنه خرج عن الحال السوية الجميلة المرضية إلى سبل معوجة غير سالكة، ولا جرم أن يصفه بذلك يحيى، فقد كان يترك الجمعة ويرى السيف (٢)، نسأل الله العافية.
«العفو» عند يحيى:
قال الفلاس:«وسمعت يحيى بن سعيد يقول: كنت آخذ العفو في الحديث»(٣).
قلت: لعل المعنى: أنه كان يأخذ ما سمح به خاطر الراوي دون ابتدائه بسؤال ولا إلحاح أو إضجار؛ كما يفهم ذلك من قول يحيى:«ما كلمت أشعث قط، وما أخذت منه إلا عفوه»(٤).
وقد يعني مصطلح «العفو»، ما يقابل التشدد، وهذا يدرك بعراضه على سؤال لعلي بن المديني، فإنه قال:«سألت يحيى، عن محمد بن عمرو بن علقمة، كيف هو؟ قال: تريد العفو أو تشدد؟ قلت: بل أشدد، قال: فليس هو ممن تريد، كان يقول: أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. قال يحيى: وسألت مالك بن أنس عنه فقال فيه نحوا مما قلت لك؛ يعني: محمد بن عمرو»(٥).
فيتحصل مما مر أن للعفو طرفين: أولهما: عدم التخريج على الراوي