إنسان. قلت: كان الكتاب معك؟ قال: لا؛ مع إنسان آخر (١). قلت: وأنت ترى أن ابن حنبل أبهم صاحب الكتاب لما سأله ابنه عنه، وكنى عنه «بإنسان آخر»؛ فلعله لم يذكره للحين فحسب، فقد كان الفلاس من مشاهير البصرة، فلست أدري علة الإبهام، على أن الإمام أحمد لم يذكر صاحبنا في علله غير مرتين، سماه في إحداهما وكناه في الأخرى (٢).
[٦ - موقفه من أبي حنيفة]
كان أبو حنيفة من أعمدة الرأي والقائلين بالإرجاء، وكان المحدثون يرونه ضعيفا في الحديث، فناله منهم لأجل هذا نقد غير يسير، وخرج غيرهم بدعوى التعصب الفقهي عن النقد إلى النقض، فتولى رد هذه الكنائن المفوقة على طريق الإنصاف، الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني ﵀ في كتابه الحفيل «التنكيل» بأبدع وأوسع ما يتأتى، وأثبت من النقود والردود ما صح مما لا مدفع له، ووجه كثيرا منه. وقد كان الفلاس من زمرة من توجه بهذا النقد الحارق، لكنه ليس مؤقفا فرديا، بل يعكس وجهة نظر المدرسة البصرية كلها إذ له نظائر كثر، وإليك سياق كلامه، مجردا عن التعليق إلا حزة فلذ يسيرة:
قال عمرو (٣): «وأبو حنيفة صاحب الرأي، واسمه النعمان بن ثابت، ليس بالحافظ، مضطرب الحديث، واهي الحديث». وزاد في تاريخ بغداد (٤): «وصاحب هوى».
وقال (٥): «حدثني أبو غادر الفلسطيني، أخبرني رجل أنه رأى النبي ﷺ
(١) كتاب العلل ومعرفة الرجال (رواية عبد الله): ٣/ ٩٠؛ ر: ٤٣٢٣. (٢) ن: العلل ومعرفة الرجال (رواية عبد الله): ١/ ٣٦٦؛ ر: ٧٠٠؛ ٣/ ١٥٤؛ ر: ٤٦٨٥. (٣) الكامل: ٧/ ٦. قلت: مثل هذه الأخبار حقيقة بالتثبت والنقد. (٤) تاريخ بغداد: ١٥/ ٥٨٢. (٥) الكامل: ٧/ ٦.