قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب، لا يقول لواحد منهم:«اجلس»، ولا يجلسون هيبة وإعظاما (١).
ولازمه آخر حياته، وكان يتعاهده في مرضه، يدل له قوله:«قلت ليحيى في مرضه الذي مات فيه: يعافيك الله إن شاء الله. قال: أحبه إلي أحبه إلى الله!»(٢).
ويميز الفلاس ممن نقل عن القطان أقواله في الرجال والعلل، أنه حكى عنه كثيرا من اختياراته الفقهية وفتاواه وانفرد بنقلها، فذكر أنه كان يرفع يديه في كل خفض ورفع. وأن ركبتيه كانت تقعان قبل يديه (٣). وأنه كان لا يتوضأ مما غيرت النار (٤). وأنه كان يكره النبيذ كله (٥). وكان يقول في الرهن: إن كان بأكثر مما يسوى، فهو بما فيه، وإن كان بأقل رد عليه الفضل (٦). وسئل عن السمك يعتلف العذرة، فلم ير به بأسا (٧). وسأله الفلاس عن رجل ترك سجدة من ركعة، فذكرها وهو في الثانية. فقال: يسجدها إذا ذكرها، وعليه سجدتا السهو (٨). وسأله أيضا عن امرأة في بطنها ولدان، فوضعت أحدهما. فقال: هي (٩) نفساء. ونقل عن يحيى تذمره من إمامة القدرية، ووسمهم بإساءة الصلاة (١٠)، وتكرر له ضريبه في مثل قوله: «رآني يحيى مرة وأنا أجيء من قبل الجبل بعد ما صلينا الصبح، فقال: من أين جئت من ها هنا؟ فقلت: لم أدرك الصلاة معهم، فصليت في هذا المسجد. فقال: لا تصل فيه؛ فإن إمامهم معتزلي (١١).»
٥ - بعض صحبه ورفقائه في الطلب (١٢):
مثل هؤلاء الأعلام، تضيع كثير من تفاصيل حياتهم في غمرة أنشطتهم