للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في كتبه على ما نقله عن غيره؛ وحكايته عنه بعض معهود عباراته وأجوبته الخارجة عن مهيع الفن، والمتعلقة بشخصه فحسب، وكان يعجبه أن يثني عليه، فقد ذكر في كتابه أنه حدثه بحديث فاستحسنه (١)، وأخبره بآخر فاستحسنه أيضا واستعاده منه غير مرة (٢). وهو يلحف في سؤاله فلا يتبرم به بل يسعفه مثلما في قوله: «سألت يحيى عن حديث ثور، عن حريز، عن أبي خداش. فقال لي: معاد سمعه من حريز، فسله عنه. فلم أدعه حتى حدثني به» (٣).

وهو لا يني يعنى بنقل مواقف يحيى من قضايا مختلفة؛ كموقفه من المفاضلة بين علي وعثمان ا؛ مثلما يسفر عنه هذا الخبر: «سمعت معاذ بن معاذ يقول: حدثنا شعبة، عن حصين، قال: قلت لأبي وائل: علي أفضل أو عثمان؟ قال: علي؛ حتى أحدث ما أحدث. فأما اليوم، فعثمان. قال معاذ: فحدثت به بشر بن المفضل فقال: عثمان كان خيرا قبل وبعد. فغضب يحيى وقال: ما درى هذا عمر بن الخطاب، حين جعلها شورى بين ستة!» (٤). وفيه إنكار ورد من يحيى لهذا الكلام بصنيع الفاروق ، إذ لو كان ظهر له مفاضلة لم يلجأ إلى الشورى؛ فظهر أن عليا وعثمان ا عند يحيى كفرسي رهان أو وكركبتي بعير؛ أو الوقف، وهذا هو المشهور عنه، قال أبو زكريا يحيى بن معين: «قال يحيى بن سعيد: كان رأي سفيان الثوري: أبو بكر وعمر، ثم يقف. قال يحيى بن معين: وهو رأي يحيى بن سعيد» (٥).

وأما أدبه معه فمضرب الأمثال؛ وناهيك به وبالجلة يقومون بين يدي يحيى ساعات طوالا لا يجرؤون يجلسون ما لم يأذن لهم؛ أسند الخطيب إلى إسحاق الشهيدي قوله: «كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر ثم يستند إلى أصل منارة مسجده، فيقف بين يديه علي بن المديني، والشاذكوني، وعمرو بن علي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهم؛ يسألونه عن الحديث، وهم


(١) العلل: ر: ١٠٨.
(٢) العلل: ر: ١٨٨
(٣) العلل: ر: ٧٠.
(٤) العلل: ر: ٤٨.
(٥) من كلام ابن معين في الرجال، رواية الدقاق: ٢٩؛ ر: ٦ - ٧.

<<  <   >  >>