في المنام، فقلت: يا رسول الله، حديثنا (١) هذا عمن نأخذه؟ قال ﷺ:«عن سفيان الثوري». فقلت: فأبو حنيفة؟ قال ﷺ:«ليس هناك!». - يعني: ليس في موضع الأخذ عنه».
قلت: هذا أفدح من سابقه، ومتى كانت للرؤى صدقية في الأحكام؟ حتى ولو وقعت إناطتها بالرسول ﷺ؛ وذاك ذريعة إلى فساد عظيم؛ هذا لو صح الخبر، أما وفيه جهالة أحد رواته كما في هذا، فلا عبرة به أصلا، ولا يصح أن يذكر، «ولكنها الأهواء عمت فأعمت».
وقال (٢): «سمعت معاذ بن معاذ يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين».
وقال (٣): «سمعت يحيى - يعني: القطان - وقال له جار له: حدثنا أبو يوسف، عن أبي حنيفة، عن جواب التيمي، فقال: مرجي، عن مرج، عن مرجئ».
[٧ - رقته]
من قوات ما قدمنا به كتاب التاريخ عند العروض لترجمته، الإشارة إلى ملمح مهم في شخصيته، وهو تلك الرقة التي لم يفلح صاحبنا في طيها عن الناس، فانكشفت في مواقف بإجهاشه بالبكاء وجريان عبرته، تعبيرا عن تأثره الديني العميق بمناقب وأحوال ونصوص؛ فمن ذلك ما شهده ابن أبي الدنيا وحكاه فقال (٤): نا أبو حفص الصيرفي؛ قال: بلغني أن عمر بن ذر (٥) كان إذا تلا ﴿وأقسموا بالله جهد أيمنهم لا يبعث الله من يموت﴾ [النحل: ٣٨] قال:
(١) تصحف في الكامل إلى «حدثنا». (٢) تاريخ بغداد: ١٥/ ٥٢٤ - ٥٢٥. (٣) تاريخ بغداد: ١٦/ ٣٧٥. (٤) حسن الظن بالله (دار طيبة): ٢٧؛ ر: ١٥؛ (طبعة مكتبة القرآن): ٢٧ - ٢٨؛ ر: ١٥. (٥) كثير من النقلة عن ابن أبي الدنيا يجعلونه «عمر بن الخطاب»؛ كابن رجب في رسائله (٤/ ٣٦٨) وليس ذلك في نشرات الكتاب. والمقصود أبو ذر الهمداني المرهبي الكوفي.