للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الذي حاز حق روايته من المجاميع والأجزاء والمصنفات والتواريخ وكتب الرجال، ولقن عن مشيخته فنون التصنيف، وبذلك استحقت مصنفات البخاري أن تمثل روح جميع تصانيف القرن الثاني والثالث، ولسنا في معرض الحديث عن موارده الظاهرة أو الخفية برمتها، فما يهمنا منها غير تواليف الفلاس، وقد أمكنتنا الفرصة لتبين ذلك بعد أن أمطنا اللثام بحمد الله عن كتاب التاريخ، وأردفناه في هذا العمل بجزء العلل، فاستقام لنا ما قصدناه دون غيرنا إذ لم يكن باليد قبل ما به تتبين وتتماز مآخذ البخاري عن الكتب من غيرها.

[مواصفات نقول البخاري عن أبي حفص]

أول ما يجبه المتأمل في مجمل النقول عن الفلاس:

[أ ـ كثرتها واتساع فنونها]

لم يخل البخاري أي كتبه من النقل عن الفلاس - حاشا جزء بر الوالدين (١) - فنقل عنه في الصحيح والتاريخين والضعفاء والأدب المفرد والقراءة خلف الإمام، فجمع بين المتون والأخبار والنقود، وفي فهارس هاته الكتب غنية عن التتبع.

[ب - اعتزاز الجعفي بالأخذ عن شيخه]

وهو أمر لا تخطئه العين في تضاعيف الكتب كلها، لكن بعض المواطن تفصح عنه إفصاحا، كقول البخاري: «حدثنا أبو عاصم؛ وأفهمني بعضه عنه، أبو حفص بن علي…» (٢). فقد أقر أنه سمع الحديث من أبي عاصم ولم يتبين بعضه إلا بمساعدة الفلاس، ولولا أنه يعتز بما يأخذه عنه لطوى هذا التفصيل وسكت عنه، ولكن أدب المحدثين في إناطة الفوائد بأصحابها دعاه إلى ما ترى؛ وهو باب من التعظيم عظيم؛ لأن فيه إلى شرف الاكتساب، شرف الانتساب.


(١) وهو بعد صغير الجرم، لا تصح مقارنته بكتبه الأخرى.
(٢) الأدب المفرد: ٣٧١؛ ر: ١٠٨١.

<<  <   >  >>