في إلقاء روايته. والثاني: عدم التشديد الخارج عن حد الاعتدال في قبول رواية الراوي.
ابن مهدي:«فلان ممن يزداد خيرا»:
بعض الأخبار تومئ إلى قضايا أو مصطلحات بعينها كمصطلح «استقرار الثقة»؛ ومعناه: بقاء الراوي على حال جميلة، وسلامته مما يعرض له مما يفسد ضبطه أو عدالته؛ كما في قول الفلاس:«وسمعت عبد الرحمن، وذكر عبد الواحد بن زياد، فقال: كان ممن يزداد خيرا»(١).
فخبر ابن مهدي هذا يفيد حسن حال عبد الواحد، وقول أبي داود عنه:«عمد إلى أحاديث كان يدلسها الأعمس فوصلها»(٢)، ينزعه عن تلك الحال بالتدليس، بل إن يحيى لينفي عنه العلم بحديث الأعمش جملة، في قوله:«ما رأيت عبد الواحد بن زياد يطلب حديثا قط لا بالبصرة، ولا بالكوفة.
وكنا نجلس على بابه يوم الجمعة بعد الصلاة، فنذاكره حديث الأعمش، لا يعرف منه حرفا» (٣)، على أن هذه الحكاية لا تعطي تضعيف يحيى بإطلاق، فلذلك أنكر مغلطاي على ابن الجوزي أن يكون قوله:«ضعفه يحيى»، مما فهمه منها (٤). على أن معرفة عبد الواحد - ولو بعض المعرفة - بحديث الأعمش لا تنكر، فقد استدل الإمام أحمد بمتابعته لتصحيح رواية مسروق عن المغيرة، فلو كان خلوا من المعرفة بالمرة كما تعطيه حكاية يحيى، لم يعتبره ابن حنبل حال المتابعة، وذلك باد من قوله: «سمعت يحيى بن سعيد وذكر عنده حديث الأعمش، عن مسلم، عن مشروق، عن المغيرة بن شعبة. فقال يحيى: مسروق، عن المغيرة بن شعبة؟! - مرتين أو ثلاثة - فأنكره يحيى أشد الإنكار. قال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: من تابعه؟