وفيما يأتي بعض الأمثلة التوضيحية لمنهج الحافظ مغلطاي في جمع ألفاظ الجرح والتعديل الواردة على الراوي الواحد:
• المثال الأول:
شهر بن حوشب، أورد له ابن القطان حديثًا في (باب ذكر أحاديث عللها ولم يُبيّن من أسانيدها موضع العلل)، وقد أتبع ذلك نقده للإمام عبد الحق بأنه لم يذكر لهذا الحديث علة، بالرغم من أنه ذكره من رواته شهر بن حوشب، ثم شرع ابن القطان بإيراد أقوال الأئمة في شهر بن حوشب، فقال:«شهرٌ قد وثقه قومٌ، وضعفه آخرون، ممن وثقه ابن حنبل، وابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: ليس بدون أبي الزبير، وغير هؤلاء يُضعّفه، ولم أسمع لمضعفيه حجة … »(١)، إلى آخر ما ذكره من كلام الأئمة فيه، وردّه على بعضهم، وبالرغم من أنه قد تكرّر ذكر شهر بن حوشب في أسانيد بعض الأحاديث في مواضع أخرى، إلا أنه تجاهل الحديث عنه بالتوسع السابق، واكتفى بذكر بعض الإشارات المتعلقة بحاله دون تفصيل.
ومن ذلك قول ابن القطان الفاسي: «وذكر من طريق عبد الرزاق (٢)، عن يحيى بن العلاء، عن جهضم بن عبد الله، عن محمد بن زيد هو العبدي، عن شهر بن حوشب، عن أبي سعيد الخدري:«نهى رسول الله ﷺ عن بيع المغانم حتى تُقسم … » الحديث، ثم قال: إسناده لا يحتج به. لم يبين من أمره إلا ما أبرز من إسناده، وشهر مختلف فيه، … » إلى آخر ما ذكره من علل هذا الحديث (٣).
وهذا الترتيب لم يُغيّر منه الحافظ مُغلطاي شيئًا، إنما ذكره بمثل ما ذكره به الحافظ ابن القطان (٤).
(١) بيان الوهم والإيهام (٣/ ٣٢٠ - ٣٢١) الحديث رقم: (١٠٦٩)، وسيأتي هذا الكلام في عقب حديث أبي أمامة ﵁، الآتي برقم: (٢٩٩). (٢) المصنف لعبد الرزاق، كتاب البيوع، باب بيع الغرر المجهول (٨/ ٧٦) الحديث رقم: (١٤٣٧٥)، من الوجه المذكور به. وسيأتي الحديث بتمامه مع تخريجه والكلام عليه برقم: (١٩٤٣) (٣) بيان الوهم والإيهام (٣/ ٥١٩ - ٥٢٠) الحديث رقم: (١٢٩٣). (٤) ينظر الحديث الآتي برقم: (١٩٤٣)، ونقد الحافظ ابن القطان له.