وعلى مقتضى هذا المثال، يمكن توضيح الخطوات التي أجراها الحافظ مغلطاي في عملية الترتيب والاختصار على النحو التالي:
أولا: أنه اقتصر على ذكر هذا الحديث في موضع واحد، وفي بابه المخصص له، بعدما كان في (بيان الوهم والإيهام) في ثلاثة مواضع.
ثانيا: أنه قام بحذف بعض العبارات التي يمكن الاستغناء عنها أو مما لا متعلق لها بنقد الحديث، وقد قمت بتحديدها بوضع خط أسفل منها في المثال المذكور.
ثالثا: أنه قام بعملية دمج الكلام المتعلّق بنقد الحديث الوارد في الموضعين، بعدما قام بحذف ما أشرت إليه، فأصبح سياق الكلام عنده في كتابه المنار على النحو التالي: «وهو حديث ضعيف لا شك فيه؛ لأنه لا بد فيه من عمرِو بنِ بجدان، ولهذا المعنى إسناد صحيح من رواية أبي هريرة، قال البزار: حدثنا محمد بن مقدم (١) بن يحيى بن مقدم المقدَّمي … » (٢)، وبهذا يأتلف كلام الحافظ ابن القطان الفاسي الوارد على الحديث في جميع المواضع بعضُه مع بعض بعد عملية حذف عبارات الإحالات منه، والاستغناء عنها لانتفاء مناسبة ذكرها مع هذا الترتيب؛ فبدا وكأنه قد سُرِد في موضع واحد، دون زيادة أو نقصان.
• المثال الثاني:
أورد الحافظ ابن القطان الفاسي حديث معاذ في الاستثناء في العتق، في أربعة مواضع من كتابه «بيان الوهم والإيهام»:
الموضع الأول: ذكر في (باب ذكر أَحَادِيث أوردها على أَنَّهَا مُتَّصِلَة وَهِي مُنْقَطِعَة، أَوْ مَشْكُوك فِي اتصالها)، وفيه قوله: «وَذَكر من طَرِيق الدَّارَقُطْنِي (٣)، عَنْ
(١) في النسخة الخطية: «محمد بن مقدّم»، وعلم ناسخه فوق كلمتي «محمد» و «مقدم» بالحرف (مـ) للدلالة على القلب بين الاسمين، وأن الصواب فيه: «مقدَّم بن محمد»، وعلى مقتضى ذلك أثبت ما هو صواب، وتقدم ذكره على الصواب قريبا، وهو في مسند البزار (١٧/ ٣٠٩) على الصواب، وهو المطابق لمصادر ترجمته. ينظر: تهذيب الكمال (١١/ ٣٤٧) ترجمة (٤٧٢٧) (٢) منار الإسلام، ويُنظر الحديثان الآتيان برقم: (٣٨٠، ٣٨١). (٣) سنن الدارقطني، كتاب الطلاق والخُلع والإيلاء وغيره (٥/ ٦٣ - ٦٤) برقم: (٣٩٨٤، ٣٩٨٥)، من طريقين عن إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك اللخمي، عن مكحول، عن معاذ بن جبل، به.