البصرة في عصر المهديّ، ثم قَدِمَ بغداد على الرَّشيد لما أفضَتْ إليه الخلافة، فأخبرني أبو القاسم الأزهري، أخبرنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قال: ولمّا بويعَ الرَّشيدُ بالخلافة قَدِمَ عليه محمّد بن سليمان وافدًا، فأكرمه وأعظمه وصَنَع به ما لم يصنع بأحدٍ، وزاده فيما كان يتولاه من أعمال البصرة وكُورَ دِجْلة (١) والأعمال المفردة والبحرين والعوص (٢)، وعُمان، واليمامة، وكُورَ فارس (٣)، ولم يُجمع هذا لأحدٍ غيره، فلما أراد الخروج شيعه الرشيد إلى كَلْوَاذ (٤).
وقد روى محمّد بن سليمان [عن أبيه](٥) حديثًا مُسندًا، ولا يُحفظ له غيره، فذكر ما تقدم، ثم قال (٦): أخبرني الأزهري، حدَّثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا ابن عرفة، قال: ثم دخلتْ سَنَةُ ثلاث وسبعين؛ يعني: ومئة، ففيها توفّي محمدُ بنُ سليمان، وسنه إحدى وخمسون سنةٌ وخمسة أشهرٍ، وأمر الرشيدُ بقَبْضِ أمواله، فأَخَذَ له ودائع [وأموالا](٧) من منزله، فكانت نيفا وخمسين ألف ألف ألف (٨) درهم.
(١) قال ياقوت الحموي: «كُوَرُ دجلة، إذا أُطلق هذا الاسم، فإنما يُراد به أعمال البصرة، ما بين ميسان إلى البحر كله، يُقال له: كُور دجلة». معجم البلدان (٤/ ٤٨٩). (٢) كذا في النسخة الخطية: «العوص» بالصاد، ومصحح عليها، وفي المطبوع من تاريخ بغداد (٣/ ٢١٤)، وبيان الوهم (٢/ ٢٠٠): «الغوص» بالغين المعجمة، ولم أقف فيما بين يدي من المصادر على اسم موضع أو بلد يُعرف بالغوص بالغين المعجمة، ولا بالعين المهملة، ولكن جاء في كتاب معجم قبائل المملكة العربية السعودية (ص ٥٨٧): «بنو العيص: من ألمع من عسير تهامة، وبلادهم وادي القوص … ». (٣) في تاريخ بغداد (٣/ ٢١٤)، وبيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٠٠): «وكُور الأهواز وكور فارس». (٤) في المطبوع من تاريخ بغداد (٣/ ٢١٤)، وبيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٠٠): «كلواذا» بالألف الممدودة في آخره، وفي معجم البلدان (٤/ ٤٧٧)، والأنساب، للسمعاني (١١/ ١٣٩): «كلواذي»، وقال السمعاني: بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو والذال المفتوحة المعجمة بين الألفين، وقال: «من قرى بغداد، على خمسة فراسخ منها، والنسبة إليها: كلواذاني، وكلواذي». (٥) ما بين الحاصرتين زيادة متعينة مستفادة من تاريخ بغداد (٣/ ٢١٤)، وقد أخلت بها هذه النسخة، كما أخلت بها نسخ الأصل من بيان الوهم والإيهام، فيما ذكر محققه (٢/ ٢٠٠). (٦) أي الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٣/ ٢١٥) بعد الحديث رقم: (٥٧٤). (٧) في النسخة الخطية: «وأموال»، صوابه ما أثبته: «وأموالا» بالنصب، تصويبه من تاريخ بغداد (٣/ ٢١٤)، وبيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٠٠). (٨) كذا في النسخة الخطية وفي بيان الوهم والإيهام (٢/ ٢٠٠): نيّفًا وخمسين ألف ألف ألف درهم بتكرار الألف ثلاث مرات، وفي تاريخ بغداد (٣/ ٢١٥) مرتين.