ومنهم من لا يجعل بينهما أحدًا، فَيَجْعَلُهُ عن أبي قِلابة، عن أبي ذَرٍّ.
ومنهم من يقول:«عن أبي قِلابة: أن رجلاً من بني قُشَير، قال: يا نَبِيَّ اللهِ».
هذا كله اخْتِلَافٌ على أيوب في رِوايَتِهِ إيَّاه عن أبي قِلابة.
وجميعه في «عِلَلِ الدَّارَقُطْنيِّ» و «سُنَنِهِ»(١)، وهو حديثٌ ضعيفٌ (٢) لا شكَّ فيه (٣)؛ لأنه لا بُدَّ فيه من عمرو بن بَجْدان (٤).
ولهذا المعنى إِسْنَادٌ صحيحٌ من رواية أبي هُرَيْرَة:
(١) سلف تخريج بعض هذه الوجوه في تخريج الحديث الذي صدر ذكره، وينظر: علل الدارقطني (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٤) الحديث رقم: (١١١٣)، والسنن له، كتاب الطهارة، باب في جواز التيمم لمن لم يجد الماء سنين كثيرة (١/ ٣٤٤ - ٣٤٧) الأحاديث (٧٢١ - ٧٢٦). (٢) اعتمد الحافظ ابن القطان في تضعيفه للحديث على الحكم بجهالة عمرو بن بجدان، وقد تقدم في تخريج الحديث أن عمرو هذا، وثقه العجلي وذكره ابن حبان في ثقاته، وصحح حديث بعض الحفاظ، لذلك تعقب الحافظ الزيلعي ابن القطان كما في نصب الراية (١/ ١٤٩)، فقال: «قال الشيخ تقي الدين في الإمام ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان، مع تفرده بالحديث، وهو قد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح، وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة، أو يصحح له حديثًا انفرد به؟ وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة، فليس هذا بمقتضى مذهبه، فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله، وهو تصحيح الترمذي». كما تعقبه ابن حجر كما نقلته عنه قريبًا في تخريج الحديث الذي صدر ذكره، فقال: «عمرو بن بجدان، … وثقه العجلي، وغفل ابن القطان فقال: إنه مجهول». (٣) جاء بعد هذا في بيان الوهم والإيهام (٣/ ٣٢٨) ما نصه: «ولهذا المعنى إسناد صحيح سنذكره إن شاء الله في باب الأحاديث التي لم يُصحَّحها، ولها أسانيد صحاح»، وهذا الكلام مما تصرف فيه العلامة مُغَلْطَاي، فحذفه، وانتقل مباشرةً إلى الموضع المشار إليه، الوارد في بيان الوهم والإيهام في (٥/ ٢٦٦)، وألحقه بهذا الحديث، إلا أنه تصرف في بعض العبارات القليلة جدًا، فأبدلها بما يتلاءم وهذا الترتيب. (٤) كذا في النسخة الخطية: «لأنه لا بد فيه من عمرو بن بجدان وهو صحيح في هذا السياق، يتناسب مع قوله قبله: وهو حديث ضعيف لا شك فيه»، وجاء بدلا منه في مطبوع بيان الوهم والإيهام (٥/ ٢٦٦) بين حاصرتين ما نصه: «لأنه لا يُعرف حال لعمرو بن بجدان»، وقال محققه معلقا عليه في الهامش: «ما بين المعكوفتين ممحو منه قدر سطر، وأتممناه من السياق … »، والذي أثبته هنا من النسخة الخطية أقوى في الدلالة على ما قبله.