«أنّ النبي ﷺ مَسَح وجهه وَيَدهُ إلى نصف الساعد، ولم يبلغ المِرْفَق»(١)، ويروى:«إلى المرفقين»(٢).
ثم قال (٣): والصحيح المشهور في صفة التيمم من تعليم النبي ﷺ، إنما هو للوجه والكفين (٤)، وهذه الأحاديث التي تزيد على ما في المشهور ذكرها أبو داود والنسوي وغيرهما (٥). انتهى كلامه.
ففيه القضاء لأحاديث الوجه والكفين بالصحة والشهرة - وصدق -، ولأحاديث نصف الساعد أو المرفقين بنقيض ذلك، إما أنها ليست بصحيحة ولا مشهورة، وإما أنها ليست مشهورة وإن كانت صحيحة.
فإن كان يعني أنها صحيحة ولكن ليست مشهورةً؛ فهي من هذا الباب، فإنها على ما نُبيّن منقطعة، وذلك أن الحديث الذي فيه نصف الساعد، هو عند أبي داود،
= (٥٤٥)، وهو في الأحكام الوسطى (١/ ٢٢١). (١) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب التيمم (١/ ٨٨) الحديث رقم: (٣٢٣)، من طريق سليمان الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار بن ياسر، فذكره، وفيه: «ثم مسح وَجْهَهُ والذراعين إلى نصف الساعدين، ولم يبلغ المرفقين، ضربةً واحدة». وإسناده ضعيف لانقطاعه بين سلمة بن كهيل وبين عبد الرحمن بن أبزى، بينهما أبو مالك غزوان الغفاري الكوفي على ما سيأتي بيانه عند المصنف قريبًا. وقد أشار إلى ضعف هذه الرواية الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١/ ٤٤٥) بقوله: «فأما رواية المرفقين، وكذا نصف الذراعين ففيهما مقال». (٢) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الطهارة، باب التَّيمم (١/ ٨٩) الحديث رقم: (٣٢٨)، من طريق أبان (هو ابن يزيد العطار)، قال: سُئل قتادة عن التيمم في السفر، فقال: حدثني محدث، عن الشعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار بن ياسر، أن رسول الله ﷺ قال: «إلى المرفقين»، وإسناده ضعيف لإبهام الراوي عن عامر الشعبي. وقد تقدم ذكر تضعيف الحافظ ابن حجر لهذه الرواية أثناء تخريج الرواية السابقة. (٣) عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ٢٢١). (٤) الصحيح المشهور الذي أشار إليه، أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التيمم، باب التيمم الوجه والكفين (١/ ٧٥) الحديث رقم: (٣٣٩، ٣٤١، ٣٤٢، ٣٤٣)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب التيمم (١/ ٢٨٠) الحديث رقم: (٣٦٨) (١١٢، ١١٣)، من طرق عن شعبة بن الحجاج، عن الحكم بن عتيبة، عن ذرّ بن عبد الرحمن المرهبي، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار بن ياسر ﵁، ولفظ البخاري: «ثُمَّ مَسَحَ بهما وَجْهَهَ وَكَفَّيْهِ»، أما لفظ مسلم: «ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ». (٥) سيذكر المصنف هذه الروايات فيما يأتي، وقد خرجت كل رواية عند ذكرها.