وسكت (١)، فسكوته هو عنده صحيح كما أخبر عن نفسه، وهو من رواية مخرمة بن بكير، عن أبيه، ومخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا، وإنما يحدث من كتابه (٢)، وقد نص أبو محمد على ذلك [إثر](٣) أحاديث، منها:
= السماع، فهي وجادة صحيحة، والوجادة حجة على المعتمد عند علماء الأصول. ينظر: مقدمة ابن الصلاح (ص ١٧٨ - ١٨٠)، وقال ابن القيم في زاد المعاد (٥/ ٢٢١): «كتاب أبيه كان عنده محفوظا مضبوطا، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حدثه به، أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط إذا تيقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها، وهذه طريقة الصحابة والسلف». ثانيا: قال ابن القيم في زاد المعاد (٥/ ٢٢٢): «إن قول من قال: لم يسمع من أبيه معارض بقول من قال: سمع منه، ومعه زيادة علم وإثبات. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن مخرمة بن بكير؟ فقال: صالح الحديث. قال: وقال ابن أبي أويس: وجدت في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة عما يحدث به عن أبيه، سمعها من أبيه؟ فحلف ورب البنية - يعني: المسجد - سمعت من أبي». ينظر: تهذيب الكمال (٢٧/ ٣٢٧) ترجمة رقم: (٥٨٢٩)، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (ص ٥٢٣) ترجمة رقم: (٦٥٢٦): قال علي بن المديني: سمع من أبيه قليلا. ثالثا: بأن هذا الحديث من رواية عبد الله بن وهب، عن مخرمة بن بكير، وقد رضي بعض أهل العلم المعتبرين ما كان من رواية عبد الله بن وهب ومعن بن عيسى القزاز عنه، قال ابن عدي في الكامل (٨/ ١٧٧) ترجمة رقم: (١٩٠٦): «وعند ابن وهب ومعن بن عيسى وغيرهما أحاديث عن مخرمة حسان مستقيمة، وأرجو أنه لا بأس به». رابعا: إنّ هذا الحديث قد ثبت من وجه آخر صحيح عن عليّ ﵁، فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال (١/ ٣٨) الحديث رقم: (١٣٢)، وفي كتاب الوضوء، باب مَنْ لم يَرَ الوضوء إلا من المخرجين في القبل والدبر (١/ ٤٦) الحديث رقم: (١٧٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب المذي (١/ ٢٤٧) الحديثان رقم: (٣٠٣) (١٧، ١٨)، من طرق عن أبي يعلى منذر بن يعلى الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن عليّ، قال: كنت رجلًا مذاءً، وكنت أستحيي أن أسأل النبي ﷺ لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله؟ فقال: «يغسل ذكره ويتوضأ»، وهذا لفظ الموطن الأول عند مسلم، أما لفظه عند البخاري والموطن الثاني عند مسلم فذكر فيها الوضوء فقط. خامسًا: بأن الإمام مسلمًا أخرج لمخرمة عن أبيه، فهي عنده حجة. ينظر: تهذيب الكمال (٢٧/ ٣٢٧) ترجمة رقم: (٥٨٢٩)، وقيل: إنما روى له في الشواهد كما ذكر الحاكم في كتابه المدخل إلى الصحيح (٤/ ١٥٣ - ١٥٤) برقم: (٦٢). (١) عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ١٣٧). (٢) تقدم الجواب عن هذه العلة عند تخريج الحديث. (٣) في النسخة الخطية: (إن)، وهو خطأ واضح، تصويبه من بيان الوهم والإيهام (٢/ ٣٧١).