وأتبعه أن قال (١): وفي رواية لأبي داود (٢): «كَانَ لَا يستنزه من بوله».
وفي حديث هناد بن السري (٣): «لَا يستبرئ»؛ يعني: من الاستبراء.
كذا قال: وهو قد يفهم منه الخطأ؛ من يعلم أن أبا داود قال ـ إثر الحديث المذكور -: وقال هناد: «يستتر» مكان «يستنزه»(٤)، فيظن ما أورد أبو محمد عن هناد من قوله:«يستبرئ» من الاستبراء، منسوبًا إلى أبي داود، وليس له في كتاب أبي داود ذكر أعني الاستبراء، وإِنَّما عنى أبو محمد بذلك أنه رآه في كتاب هناد، وقد بين ذلك في كتابه الكبير (٥) فقال: رأيت في كتاب هناد بن السري في «الزهد» هذا الحديث بهذا الإسناد الذي لأبي داود، عن هناد، وفيه:«لا يستبرئ من البول»(٦)، بهذا اللفظ - من الاستبراء -، ولم أره في نسخة أُخرى، ولا صححته. انتهى قوله.
فمنه يتبيَّن أن «يستبرئ» لم يعن بهِ أنه في رواية هناد عند (٧) أبي داود.
وأعرف هذه الرواية في «فوائد ابن صخر»، من غير رواية هناد.
قال ابن صخر (٨): حدثنا أبو القاسم: عمر بن محمد بن سيف البغدادي،
= قالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذِّبَانِ وَمَا يُعَذِّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ». ومن هذا الوجه أخرجه البخاري في صحيحه أيضًا، كتاب الجنائز، باب عذاب القبر من الغيبة والبول (٢/ ٩٩) الحديث رقم: (١٣٧٨). (١) عبد الحق في الأحكام الوسطى (١/ ٢٢٨). (٢) هذه الرواية أخرجها أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب الاستبراء من البول (١/ ٦) الحديث رقم: (٢٠)، من طريق طاووس، عن ابن عباس، بهذا اللفظ. وقال في آخره: قَالَ هَنَّادٌ: (يَسْتَتِرُ) مَكَانَ (يَسْتَنْزِهُ). (٣) أخرجه هناد بن السري في الزهد (١/ ٢١٨) الحديث رقم: (٣٦٠)، من طريق طاووس، عن ابن عباس، بهذا اللفظ. (٤) تقدم توثيق هذا عند تخريج رواية أبي داود السابقة. (٥) يعني: الأحكام الكبرى، ولم أقف على ذلك فيه بعد بحث طويل عنه. (٦) تقدم تخريج هذه الرواية من الزهد لهناد قريبًا. (٧) في المطبوع من بيان الوهم والإيهام (٢/ ١٣٥): (عن)، وهو خطأ ظاهر، والمثبت على الصواب من النسخة الخطية. (٨) هو: الإمام المحدث القاضي أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن صخر الأزدي البصري، روى عن عمر بن محمد بن سيف البغدادي، شيخه في الإسناد المذكور هنا، =