الباطل، فهو بمثابة من يضع حديثًا، أو يبدل ضعيفًا بثقة، فهو كالمدلس سواء، لا فرق بينهما (١).
ومن ثبت عليه شيء من ذلك، كانت جرحة فيه، كحجاج بن أرطأة، فإنه كان يدلس عن الضعفاء (٢).
وقد يكون من هؤلاء من لا يُسقط اسم شيخه الضعيف، لكنه يغير اسمه المشهور، بأخفى منه كي يخفى أمره (٣)، والحكم فيهما واحد (٤).
وعسى أن لا يصح على ابن جريج هذا العمل، وإن كان قد نُسب إليه في أحاديث أنه أخذها عن ابن أبي يحيى، فغير اسمه أو أسقطه (٥).
أما البخاري، فذلك عنه باطل، ولم يصح قط عنه، وإنما هي تخيلات عليه أنه كان يكني عن محمد بن يحيى الذهلي لما توقف (٦).
ومن (٧) تلك الأحوال أحوال المُسَوّين، والتسوية نوع من أنواع التدليس، إنما
(١) ينظر: فتح المغيث، للسخاوي (١/ ١٧٦). (٢) الحجاج بن أرطاة، مشهور بالتدليس عن الضعفاء، كما ذكره أبو زرعة ولي الدين ابن العراقي في المدلسين (ص ٤٠) رقم (٨)، وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (ص ١٥٢) ترجمة رقم: (١١١٩): صدوق كثير الخطأ والتدليس. (٣) وهذا يُعرف باسم تدليس الشيوخ. ينظر: التبيين لأسماء المدلسين لسبط ابن العجمي (ص ١٢)، وطبقات المدلسين (ص ١٧)، ومقدمة ابن الصلاح (ص ٧٤)، وتدريب الراوي (١/ ٢٦١). (٤) قال ابن أبي حاتم في المراسيل (ص ١٣١) رقم: (٤٧٢): «سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم، عن ابن جريج عن أبي الزناد؟ فقال أبي: هذا حديث ليس بصحيح عندي، ولم يسمع ابن جريج من أبي الزناد شيئًا، يشبه أن يكون ابن جريج أخذه من إبراهيم بن أبي يحيى». وأخرج الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص ١٠٧) بسنده إلى ابن المديني، قال: «كُلُّ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أُخْبِرْتُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، وَأُخْبِرْتُ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، فَهُوَ مِنْ كُتُبِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى». وذكر العلائي في تحفة التحصيل (ص ٢١٢)، عن ابن المديني أنه قال: «لم يسمع ابن جريج من المطلب بن عبد الله بن حنطب، كَانَ يَأْخُذ احاديثه عن ابن أبي يحيى، عنه». (٥) ينظر: الكفاية في علم الرواية (ص ٣٦٨)، والكاشف للذهبي (١/ ٢٢٢) ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى سمعان، برقم: (١٩٧). (٦) ينظر: النكت على كتاب ابن الصلاح، للحافظ ابن حجر (٢/ ٦٠١ - ٦٠٢). (٧) بيان الوهم والإيهام (٥/ ٤٩٩).