الأول: قول إمام من أئمة المحدثين: هذا منقطع، لأن فلانا لم يسمع من فلان، فنقبل ذلك منه ما لم يثبت خلافه.
الثَّانِي: اعلم أن المحدث إذا روى حديثًا عن رجل، قد عرف بالرواية عنه والسماع منه، ولم يقل: حدثنا، أو أنبأنا، أو سمعت، وإنما جاء به بلفظة «عن»، فإنه يُحْمَلُ حديثه على أنه متصل، إلَّا أن يكون ممن عُرف بالتدليس؛ فيكون
= الحافظ (هو الحسين بن علي النيسابوري) بهذا الباب، ثم سألته: هل يصح شيء من هذه الأسانيد عن عطاء؟ فقال: لا، قلت: لِمَ؟ قال: لأنَّ عطاءً لم يسمعه من أبي هريرة. أخبرناه محمد بن أحمد بن سعيد الواسطي، حدثنا أزهر بن مروان، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا علي بن الحكم، عن عطاء، عن رجل، عن أبي هريرة ثم ساق الحديث. ثم قال له الحاكم: فقلتُ له: قد أخطأ فيه أزهر بن مروان أو شيخكم ابن أحمد الواسطي، وغير مُستَبْعَدٍ منهما الوَهمُ ثمّ ساق الحاكم الحديث بإسناده من طريق مسلم بن إبراهيم، عن عبد الوارث بن سعيد، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن عطاء، عن أبي هريرة، فذكره وقال: «فاستحسنه أبو علي واعترف لي به، ثم لما جمعتُ الباب، وجدتُ جماعة ذكروا فيه سماع عطاء من أبي هريرة، ووجدنا الحديث بإسناد صحيح لا غبار عليه عن عبد الله بن عمرو». ومما يقوي صحة ما ذهب إليه الحاكم أنّ الحافظ ابن عبد البر قد أخرج هذا الحديث في جامع بيان العلم وفضله (١/ ٢ - ٩) الحديث رقم: (١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦)، من وجوه عديدة، ومن جملتها رواية عبد الوارث بن سعيد التي أشار إليها الحافظ ابن القطان الفاسي ورواها الحاكم، ثم قال بإثرها: «الرجل الذي يرويه عن عطاء يقولون إنه الحجاج بن أرطاة، وليس عندي كذلك، والله أعلم، والحجاج بن أرطاة مشهورٌ أيضًا بالتدليس عندهم». ثم إن قول الحافظ ابن القطان الفاسي عن علي بن الحكم البناني: «ولو كان علي قد سمعه من عطاء، ما رواه عن رجل عنه، اللَّهُمَّ إلا لو كان قد صرّح بسماعه من عطاء بأن يقول: حدثنا، أو أخبرنا … » يُجاب عليه بأنه قد وقع تصريح علي بن الحكم بالسماع من عطاء عند ابن ماجه، فقال فيه: «حدثنا عطاء»، وكلُّ هذا يُسقط دعوى الانقطاع، ويُظهر أن الإسناد بإسقاط الرجل المُبهم أصح كما قال ابن عبد البر، لأنّ حمّاد بن سلمة أروى الناس عن علي بن الحكم البناني، قاله أبو داود السجستاني كما في تهذيب الكمال (٤١٤/ ٢٠) ترجمة رقم: (٤٠٥٧)، وعلي البناني لم يذكر في الإسناد الرجل المبهم، وكذا تابعه على عدم ذكره عمارة بن زاذان. (١) في النسخة الخطية: «أربع» بتذكير العدد، وهذا لا يصح من جهة اللغة، فالصواب ما أثبته: «أربعة» بتأنيثه، لأن المعدود مذكر، ولعل هذا وقع من استعجال الناسخ. (٢) من قوله: «واعلم أن … » إلى هنا جاء بدلا منه في بيان الوهم والإيهام (٢/ ٣٧): «اعلم أنّ ما ذكره في هذا الباب من انقطاع الأحاديث هو مدرك من إحدى أربع جهات».