وقال الصدفي أيضًا: أملى علي محمد بن أحمد بن عبد الملك: سمعتُ محمد بن وضاح يقول: قال الليث؛ فَذَكر مثله، وزاد: وهي نحو من سبعة وعشرين، أو تسعة وعشرين حديثًا (١).
قال ابن وضاح: وهي معروفة.
فيجيء من هذا أن روايةَ اللَّيثِ، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابر، هو مما لم يسمعه أبو الزبير، عن جابر.
وقد انتهيتُ إلى ما قصدتُ بيانَهُ من مذهب أبي محمّدٍ في أبي الزبير، وعمله في رواياته.
والرَّجلُ صدوق إلا أنه يُدلّس، ولا ينبغي أن يتوقف من حديثه في شيء ذكر فيه سماعه، أو كان من رواية اللَّيثِ عنه وإن كان مُعَنْعَنًا، ولا ينبغي أن يُلتفت إلى ما أكثر به عليه من غير هذا، كقول شعبةَ: إنه رآه يُصلِّي فيُسِيءُ الصَّلاةَ (٢)؛ فإن مذاهب الفقهاء مختلفة، فقد يرى الشافعي بعض صلاةِ الحَنَفي إساءة، وهي عنده هو ليست بإساءة.
وكذلك قوله: أنه رأى أبا الزُّبيرِ يَزِن فيُرجح في الميزان (٣)، هو أمر لا يُحققه عليه شعبة؛ إذ قد يعلم هو من أمْرِ الميزان الذي يَزِنُ به ما يظنُّه غيرُه به مُطَفِّفًا وليس هو كذلك.
وكذلك قول مَنْ قالَ: سُفّه على رجل من أهل العلم بحضرته فلم يُنكر، قد يكون له في السُّكوتِ عُذر، ونحن نلومه، مثل أن لا يقدر على الإنكار على السافه إلا بقلبه، أو لا يرى ذلك سَفَها، ويراه الحاكي سَفَها، أو يرى المَسْفُوه عليه أهلا لذلك، ولا يراه الحاكي أهلا لذلك (٤).
(١) ينظر: مقدمة الجرح والتعديل (١/ ١٥١)، والمعرفة والتاريخ (٢/ ٧٨٠)، والضعفاء الكبير (٤/ ١٣٠) ترجمة رقم: (١٦٩٠). (٢) ينظر: ميزان الاعتدال (٤/ ٣٨) ترجمة رقم: (٨١٦٩). (٣) الضعفاء الكبير (٤/ ١٣٠) ترجمة رقم: (١٦٩٠)، وفيه عنده: «كان يَسْتَرجح في الميزان»، وينظر: تهذيب الكمال (٢٦/ ٤٠٧) ترجمة رقم: (٨١٦٩). وقال ابن حبان في ثقاته (٥/ ٣٥٢) في ترجمته له، برقم: (٥١٦٥): «ولم يُنصِفْ مَنْ قَدَح فيه، لأنَّ مَنِ اسْتَرْجَحَ في الوزن لنفسه، لم يستحق التَّرْك من أجله». (٤) كذا في النسخة الخطية، وجاء في بيان الوهم والإيهام (٤/ ٣٢٣): «لذلك أهلا».