مجهولو الأحوال، بيّن ذلك عن نفسه في أول كتابه (١)، وسواء كان من لم يذكر فيه الجرح أو التعديل ممن لم يرو عنهُ إلّا واحدٌ أو ممن قد روى عنه جماعة، ورأى أبو محمد (٢) أن من روى عنه جماعة يقبل، وعلى ذلك بنى نظره، وبه عمل في كتابه.
فأما من لم يرو عنهُ إلّا واحد، ولم يعرف فيه جرح ولا تعديل، فهؤلاء لا يقبلهم، ولا يحتج بهم.
وقد يعرف فيمن لم يرو عنهُ إلّا واحد أنه ثقة فيُقبل، أو أنه ضعيف فيُردّ، بحكم التضعيف.
وقيل: أن يُسمع فيه التجريح يرد بحكم المجهول الحال.
وقد يأتي بيان هذا كله، فهو إذًا قد اعتقد في عبد الملك بن سعيد هذا أنه مجهول الحال، وأول ما اعتراه فيه سوء النقل، وذلك بقلّة التَّثَبُّتِ، فإنَّه لو نظر، رأى في كتاب ابن أبي حاتم خلاف ما ذكر.
وذلك أن ابن أبي حاتم، قد ذكر عن أبيه أنه روى عنه بكير بن عبد الله بن الأشج، وزاد هو من عنده أن ربيعة روى عنه، فوقع بَصر أبي محمد على قول ابن أبي حاتم: روى عنه ربيعة، فقال ما ذكر من أنه لم يرو عنه غير ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
ولا ينفعك أقل من الوقوف على نص كلام ابن أبي حاتم، وهذا هو: «عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، [روى](٣) عن: عباس بن سهل بن سعد، روى عنه: بكير بن عبد الله بن الأشج، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: وسمع من أبي حميد، وأبي أسيد الساعدي، وجابر بن عبد الله، روى عنه: ربيعة بن أبي عبد الرحمن» (٤).
(١) الجرح والتعديل (٢/ ٣٨). (٢) هو: ابن أبي حاتم، وغالبًا ما يذكره الإمام عبد الحق الإشبيلي بكنيته. ينظر: الأحكام الوسطى (١/ ٦٧، ١٠٤، ١٣٠). (٣) ما بين الحاصرتين زيادة متعيّنة من بيان الوهم والإيهام (٥/ ٣١٠)، وقد أخلت بها هذه النسخة. (٤) الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (٥/ ٣٥١) ترجمة رقم: (١٦٦٠)، وعبارته فيه: «وسمع من أبي حميد الساعدي … »، وسقط ذكر «الساعدي» من كلام المصنف.