واحتجاج الفلاس بعدم سماعه تحديث الشيخين عن الراوي مع توفر دواعيه، قرينة عنده في تضعيفه؛ مثلما يعلم في: بريد بن عبد الله بن أبي بردة (١)، وإسماعيل بن رافع (٢)، وجميل بن زيد الطائي (٣)، وأبي بكر الهذلي (٤)، وحريث بن أبي مطر (٥)، وسالم الخياط (٦)، ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح (٧)، وأبي سفيان السعدي (٨)، والأصبغ بن نباتة (٩)، ويونس بن خباب (١٠).
لكنه لا يطرد عند صاحبنا التسليم بكل ما يحكيه عن الشيخين، ولا أظنه كان يعتبر مجرد تحديث أحدهما - دونهما معا - عن راو تعديلا بإطلاق، بدليل أنه قال:«وحدثنا يحيى، عن بكر بن خنيس» ثم قال عمرو عقيبه: «وهو ضعيف»، فلو كان تسليمه لمجرد التحديث فيصلا لم يعقب، أو لعله كان يريد أن تحديث يحيى مذاكرة لا رواية.
وما من شك في أن قوله:«والناس يختلفون فيه» ـ بعد قوله: «سمعت يحيى وعبد الرحمن، يحدثان جميعا عن عبد الله بن محمد بن عقيل»(١١): لا يقدح عنده في أصل الاحتجاج بما اتفق عليه الشيخان، فتكون الزيادة حكاية حال فحسب، ولا تنتج تبنيه حكما نقديا مخالفا للشيخين.
وتبقى القيمة المثلى لما تضمنه كتاب «العلل» من الحكاية عن القرينين، في تصحيحه لبعض مما نقل عن الشيخين - خارج العلل - على غير وجهه، وترتب عنه اضطراب في الحكم النقدي المعزو لهما، وأيضا في تحقيق الحق في أولئك الرواة الذين خضعوا للمواكبة النقدية، فرويا عنهم لأول الأمر ثم
(١) كتاب العلل: ر: ٢٤٤. (٢) كتاب العلل: ر: ٢٤٦. (٣) كتاب العلل: ر: ٢٤٩. (٤) كتاب العلل: ر: ٢٥٤. (٥) كتاب العلل: ر: ٢٥٦. (٦) كتاب العلل: ر: ٢٦٩. (٧) كتاب العلل: ر: ٢٧٧ (٨) كتاب العلل: ر: ٣٠٥. (٩) كتاب العلل: ر: ٣٠٦. (١٠) كتاب العلل: ر: ٣١٧. (١١) العلل: ر: ٣١٤.