للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

..................................


= على جميل الرأي في قيس فحدث عنه، ثم لما سبر حديثه رجع عن ذلك، فحصل له بالمو اكبة علم لم يحصل لهم، مع القطع أن قدر شعبة وسفيان، أعلى شأوا وأبعد خطرا، ولم يقل أحد من النقدة إن حكم الناقد على الراوي قيد حياته مؤبد لا رجعة فيه، حتى يسلم لشعبة على التأبيد.
وأما نفي يحيى للكذب عنه، فليس بتعديل ولا يستلزمه، فإن المأتى من ترك الراوي ليس الكذب دائما، وإنما يدخل فيه الوهم الكثير، والاختلاط الظاهر، وسوء الحفظ، وضياع الأصول…
وسكوت يحيى القطان عن جلب الحجة في تركه، ليس حجة في انقطاعه، ولا دليلا على فراغ يده مما يشهد له، وإنما استروحه عفان مما تقدم، وفي ظني أنه لو جبهه بالسؤال عن العلة لساقها؛ فلا حجة في هذا الخبر أصلا في دفع وجود سبب في الجرح عند يحيى، وظاهر أنه سبر حديث قيس فظهر له فيه من الخلل ما ظهر لابن مهدي بعد مما أفضى به إلى رجوعه إلى موافقته، يؤيده قول شيخ الصنعة علي بن المديني: «إنما أهلكه ابن له، قلب عليه أشياء من حديثه، وكان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه زمانا ثم تركه» (تاريخ بغداد: ٤٦٩/ ١٤). وزاد ابن نمير: «كان له ابن هو آفته، نظر أصحاب الحديث في كتبه فأنكروا حديثه، وظنوا أن ابنه قد غيرها» (المجروحين: ٧٨/ ١). ثم إن عفانا ردف له بعد إدراك ما أنكره على يحيى، فلم يكن ليسوغ سوق كلامه المتقدم دون المتأخر، فقد قال: «كنت أسمع الناس يذكرون قيسا، فلم أدر ما علته، فلما قدمنا الكوفة أتيناه، فجلسنا إليه، فجعل ابنه يلقنه ويقول له: حصين، فيقول: حصين، فيقول رجل آخر: ومغيرة، فيقول: ومغيرة، فيقول آخر: والشيباني، فيقول: والشيباني (المجروحين: ٢١٩/ ٢). وفي كلامه فائدة جليلة، وهي أن الكلام في قيس كان فاشيا، ولم يكن في دائرة ضيقة. قال ابن حبان: قد سبرت أخبار قيس بن الربيع من رواية القدماء والمتأخرين وتتبعتها، فرأيته صدوقا مأمونا حيث كان شابا، فلما كبر ساء حفظه وامتحن بابن سوء، فكان يدخل عليه الحديث فيجيب فيه ثقة منه بابنه، فلما غلب المناكير على صحيح حديثه ولم يتميز، استحق مجانبته عند الاحتجاج، فكل من مدحه من أئمتنا وحث عليه، كان ذلك منهم لما نظروا إلى الأشياء المستقيمة التي حدث بها من سماعه. وكل من وهاه منهم فكان ذلك لما علموا مما في حديثه من المناكير التي أدخل عليه ابنه وغيره» (المجروحين: ٢/ ٢١٩).

<<  <   >  >>