التّحكيم في اللّغة: مصدر حكّمه يحكّمه إذا جعل إليه الحكم، تقول: حَكَّمَهُ في الأَمْرِ تَحْكِيمًا إذا أَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بينهم أو أَجازَ حُكْمَه فيما بَيْنَهُم (١). ومن ذلك كله قوله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}(٢) أي يجعلونك حكمًا بينهم في خصوماتهم.
وفي الاصطلاح: تولية الخصمين حاكمًا يحكم بينهما (٣).
[مشروعية التحكيم]
يدل على مشروعية التحكيم الكتاب والسنة والإجماع.
أمّا الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ الله بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}(٤)، فقد أمر الله تعالى بتحكيم حكمين للفصل بين الزوجين عند خوف الشقاق بينهما، قال القرطبيّ:"وفي هذه الآية دليل على إثبات التحكيم"(٥).
وأمّا السُّنَّة: فما رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قال: لَمَّا نَزَلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ على حُكْمِ سَعْد بن مُعَاذٍ، بَعَثَ (إليه) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان قَرِيبًا منه، فَجَاءَ على حِمَارٍ، فلما دَنَا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُومُوا إلى سَيِّدِكُمْ" فَجَاءَ
(١) انظر: جمهرة اللغة، مادة "حكم" (١/ ٥٦٤)، الحكم والمحيط الأعظم (٣/ ٤٩)، مختار الصحاح، مادة: "حكم" (ص: ٦٢)، تاج العروس (٣١/ ٥١١)، مادة: "حكم". (٢) سورة النساء: ٦٥. (٣) البحر الرائق (٧/ ٢٤). (٤) سورة النساء: ٣٥. (٥) تفسير القرطبي (٥/ ١٧٩).