فالاستصناع يتفق مع السلم بصورة كبيرة؛ فالآجل الذي في السلم هو ما وصف في الذمة، ويؤكد ذلك أن الفقهاء ذكروا مبحث الاستصناع ضمن السلم (١).
الفرق بين الاستصناع والإجارة: في عقد الاستصناع تكون العين والعمل جميعًا من الصانع، فإذا كانت العين من المستصنع (المشتري) والمطلوب من الصانع هو العمل فقط، فإن العقد يكون إجارة لا استصناعًا.
[الحكم الشرعي ودليله]
يرى مجيزو عقد الاستصناع أنه مشروع بالسنة حيث استصنع النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاتم كما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اصطنع خاتمًا من ذهب وكان يلبسه فجعل فصه في باطن كفه. فصنع الناس خواتيم، ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال:"إني كنتُ أَلْبَسُ هذا الخاتَمَ وأجعلُ فَصَّهُ من داخل" فرمى به ثم قال: "واللهِ لا ألبسُه أبدًا" فنبذ الناس خواتيمهم (٢).
وفي النهاية في غريب الحديث:"اصطنع الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا من ذهبٍ قال ابن الأثير: أي: أمر أن يصنع له"(٣).
وذكر الكاساني في البدائع:"الإجماع من لدن رسول - صلى الله عليه وسلم - دون نكير"(٤). وقد تعامل الناس بهذا العقد والحاجة إليه ماسة.
(١) البدائع (٦/ ٢٦٧٧). (٢) صحيح البخاري، كتاب الإيمان والنذور. فتح الباري (١١/ ٥٣٧). (٣) النهاية، لابن الأثير (٣/ ٥٧). (٤) البدائع (٦/ ٢٦٧٨).