ما روى كعب بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "حجر على معاذ بن جبل وباع ماله"(١)، وعن عبد الرحمن بن كعب قال:"كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئًا ولم يزل يَدَّانُ حتى أغرق ماله في الدين، فكلم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غرماؤه، فلو ترك أحد من أجل أحد لتركوا معاذًا من أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فباع لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماله حتى قام معاذ بغير شيء"(٢).
[المطل في سداد الدين]
لا يجوز لمن عليه دين مستحِقُّ الوفاء وهو قادر أن يماطل في سداده؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ" متفق عليه. وعن عمرو بن الشريد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لَيُّ الواجدِ يُحِلُّ عرضَه وعقوبتَه" رواه الخمسة إلا الترمذيّ.
ولصاحب الدين ملازمته ومطالبته والإغلاظ له بالقول، وعلى الحاكم أن يلزمه بالوفاء فإن أبى حبسه. قال ابن المنذر:"أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين"(٣).
[الحجر على المعسر]
إذا ثبت للحاكم إعسار المدين فإنه لا يحجر عليه ولا تجوز ملازمته من دائنه ويجب إنظاره؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}(٤)؛ وذلك حتى يتبين له مال ويزول عنه وصف الإعسار.
(١) أخرجه البيهقيُّ في السنن الكبرى (٦/ ٤٨)، والحاكم في المستدرك (٤/ ١٠١). (٢) أخرجه البيهقيُّ في السنن الكبرى (٦/ ٤٨)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٢٧٣). (٣) المغني، لابن قدامة (٦/ ٥٨). (٤) سورة البقرة: ٢٨٠.