فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بروع بنت واشق امرأة منا مثل الذي قضيت، ففرح بها ابن مسعود" (١). ولإجماع الصحابة -رضي الله عنهم - على ذلك. واختلفوا هل يستقر بالخلوة كاملًا أم لا على قولين (٢):
[القول الأول]
أنه لا يستقر كاملًا بالخلوة وإنما يجب بالعقد نصف المهر، وهو مذهب المالكية والشافعية. واحتجوا بقوله تعالى:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}(٣)، قالوا: إن الله تعالى أوجب نصف المفروض في الطلاق قبل الدخول؛ لأن المراد بالمس الجماع فمن أوجب كل المفروض بالخلوة فقد خالف النص.
وقوله تعالى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ}(٤)، وأنه تعالى أوجب لهن المتعة عند الطلاق في نكاح لا جماع فيه ولا تسمية للمهر من غير فصل بين حال وجود الخلوة وعدم وجودها فاستويا.
(١) رواه الدارمي [٢/ ٢٠٧ (٢٢٤٦)]، وابن ماجه [١/ ٦٠٩ (١٨٩١)]، وأبو داود [٢/ ٢٣٧ (٢١١٤)]، والترمذيُّ [٣/ ٤٥٠ (١١٤٥)]، وقال عقبه: "حسنٌ صحيحٌ"، والنسائيُّ برقم (٣٣٥٥، ٣٣٥٦، ٣٥٢٤)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١٩٧) وقال: "على شرط الشيخين". قال الحافظ في التلخيص (٣/ ١٩١): "رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم من حديث معقل بن سنان الأشجعي، وصححه ابن مهدي والترمذيُّ وقال ابن حزم: لا مغمز فيه لصحة إسناده، والبيهقيُّ في الخلافيات. وقال الشافعي: لا أحفظه من وجه يثبت مثله وقال: لو ثبت حديث بروع لقلت به. قوله في راوي هذا الحديث اضطراب قيل: عن معقل بن سنان، وقيل: عن رجل من أشجع أو ناس من أشجع وقيل غير ذلك، وصححه بعض أصحاب الحديث وقالوا إن الاختلاف في اسم راويه لا يضر لأن الصحابة كلهم عدول". (٢) بداية المجتهد (٢/ ٢٦)، مغني المحتاج (٣/ ٢٢٥)، الإفصاح لابن هبيرة (٢/ ١٣٩). (٣) سورة البقرة: ٢٣٧. (٤) سورة البقرة: ٢٣٦.