وقد اختلف الفقهاء في حكم المبيت بمنى وما يترتب عليه وذلك على النحو الآتي:
١ - ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المبيت بمنى واجب يلزم من تركه فدية دم سواء ترك ليلة أو أكثر. واستدلوا بفعله - صلى الله عليه وسلم - حيث بات بمنى ليالي أيام التشريق.
٢ - وذهب الحنفية إلى أنه سنة قالوا لأنه رخص للعباس أن يبيت بمكة للسقاية ولو كان واجبًا لم يرخص له وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - محمول على السنة، فترك المبيت مخالفة للسنة وإساءة لكنها لا توجب دمًا وقد روي ذلك عن أحمد.
[الأعذار المبيحة لعدم المبيت بمنى]
يسقط المبيت عن المريض أو من يقوم على شؤونه وكذا عن المرابطين في المهمات الرسمية التي تتعلق بمصالح الحجاج وذلك لأن العباس -رضي الله عنه- "استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته"(١).
وقد روي مالك بإسناده عن أبي البداح بن عاصم عن أبيه قال:"رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر يرمونه في أحدهما. قال مالك: ظننت أنه قال: في أول يوم منهما، ثم يرمون يوم النفر"(٢).
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لهؤلاء، وغيرهم من أهل الأعذار يلحقون بهم لوجود المعنى الذي رخص للسقاة والرعاة فيهم (٣)، وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء في
(١) أخرجه البخاريُّ (٢/ ١٩١)، ومسلمٌ (٢/ ٩٥٣). (٢) أخرجه أبو داود (١/ ٤٥٦)، والترمذيُّ (٤/ ١٧٩) عارضة الأحوذي. (٣) بدائع الصنائع للكاساني (٣/ ١١٧٠)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٢/ ٤٩)، ونهاية المحتاج للرملي (٣/ ٣٠٩)، والشرح الكبير على المقنع (٩/ ٢٣٦).