عن سماك بن حرب قال سمعت عياض الأشعري يقول: إن أبا موسى -رضي الله عنه- وفد إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومعه كاتب نصراني، فأعجب عمر -رضي الله عنه- ما رأى من حفظه، فقال: قل لكاتبك: يقرأ لنا كتابا، قال: إنه نصراني لا يدخل المسجد، فانتهره عمر -رضي الله عنه- وهم به وقال: لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- (١).
ب- أما بالنسبة للقضاء بين غير المسلمين:
أولًا: فذهب الجمهور (٢) إلى اشتراط الإِسلام في القاضي أيضًا.
ثانيًا: وذهب الأحناف إلى أنه يجوز أن يكون القاضي بينهم غير مسلم فيقضي الذمي بين الذميين ويصح قضاؤه وينفذ. قال ابن عابدين: وتقليد الذمي ليحكم بين أهل الذمة صحيح لا بين المسلمين (٣).
الأدلة: استدل الجمهور بما يلي:
١ - قال الله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}(٤) وجه الاستدلال: أن تقليدهم القضاء يفضي إلى نفوذ الأحكام منهم وهو ينفي الصغار عنهم فلا يجوز.
= (١/ ١٩٤)، برقم (٧٧١)، صحيح ابن حبان (١٣/ ٣٤٠ - ٣٤١)، برقم (٥٩٩٦)، وحسنه محققه شعيب الأرنؤوط. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح أخرجه أبو داود، والنسائيُّ، والحاكم. البدر المنير (٩/ ١٥٨). وصححه الألباني في الإرواء (٧/ ٢٦٥)، برقم (٢٢٠٨). (١) سنن البيهقي الكبرى (١٠/ ١٢٧)، برقم (٢٠١٩٦). وصححه الألباني في الإرواء (٨/ ٢٥٥)، برقم (٢٦٣٠). (٢) بداية المجتهد (٢/ ٣٤٤)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ٨٤)، الشرح الكبير مع الإنصاف (٢٨/ ٢٩٨). (٣) حاشية رد المحتار على الدر المختار (٥/ ٤٢٨)، وانظر: فتح القدير لابن الهمام (٥/ ٤٩٩). (٤) سورة التوبة: ٢٩.