واحتجوا لذلك أيضًا بما روى البخاري ومسلمٌ عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال:"خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في شَهْرِ رَمَضَانَ في حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ"(١).
وذهب الحنابلة (٢) إلى أن الفطر للمسافر أفضل، وهو اختيار اللجنة الدائمة (٣)، بل قال بعض الحنابلة (٤): يسن الفطر للمسافر ويكره صومه ولو لم يجد مشقة. وعليه الأصحاب، وهذا مذهب ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما-، وسعيد، والشعبي، والأوزاعي (٥).
واستدل الحنابلة لذلك بما رواه البخاري ومسلمٌ من حديث جابر المتقدم:"لَيْسَ مِنْ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ"(٦).
وزاد مسلم في رواية:"عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّذِي رَخَّصَ لكُمْ"(٧).
وبعد ذكر القولين في المسألة فالذي يترجح لنا: أن المسافر الأفضل في حقه فعل الأسهل عليه من الصيام أو الفطر، فإن تساويا فالصوم أفضل لما يأتي:
١ - لأنه أسرع في إبراء الذمة.
(١) البخاري: كتاب الصوم، باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر (١٨٠٩)، مسلم: كتاب الصيام، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر (١٨٩٢). (٢) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (٧/ ٣٧٣). (٣) مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (١٠/ ٢٠٠) رقم الفتوى (١٠٦٠٤). (٤) المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف (٧/ ٣٧٣). (٥) المرجع السابق. (٦) أخرجه البخاريُّ: كتاب الصوم، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل عليه (١٨١٠)، مسلم: كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (١٨٧٩). (٧) مسلم: كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر (١٨٧٩).